ربكم.
٧١ ـ (وَإِنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ) يا محمد ، واو الجماعة في (يُرِيدُوا) تعود للأسرى الذين أطلق سراحهم (فَقَدْ خانُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ) بحربهم لك (فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ) ومعنى الآية في جملتها لا تخف يا محمد من خيانة من سرحت وأطلقت من أسرى ، إنهم حاربوك فسلطك الله عليهم ، ومن عاد فينتقم الله منه.
٧٢ ـ (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) يشير سبحانه إلى المهاجرين الأولين وقد ذكرهم جل وعز في العديد من آياته بأكرم الصفات ورفعهم إلى أعلى الدرجات (وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) وهؤلاء هم الأنصار الذين آووا النبي ومن هاجر معه في مساكنهم ، وآثروهم على أنفسهم وأولادهم وقوله سبحانه : (أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) يشير أن يد المهاجرين والأنصار واحدة على أعدائهم وأعداء الإسلام ، وأمرهم واحد يتولى كل من شأن صاحبه ما يتولى من نفسه نصرة ودفاعا (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا) تقدم الكلام عنهم عند تفسير الآية ٩٧ من النساء (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ) من قال : لا إله إلا الله محمد رسول الله فهو في ذمة الإسلام والمسلمين جميعا سنيا كان أم شيعيا عادلا أم فاسقا ، بمعنى أن من يعتدي عليه لأجل دينه وعقيدته ، ويحاول بطريق أو بآخر أن يرده عن دينه ـ وجب على كل مسلم كفاية أن يبذل كل طاقته للذب عنه وبقائه على هدايته. (إِلَّا عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ) يختص هذا بالقتال ومعناه أن المسلمين الذين لم يهاجروا من ديار الشرك إذا طلبوا منكم أن تناصروهم بالقتال ، على قوم كافرين بينكم وبينهم عهد وميثاق على التعايش ـ فلا تستجيبوا لطلبهم ، لأن الإسلام يحرم الغدر والخيانة حتى بالكافر إلا إذا هو نكث وأخلف.
٧٣ ـ (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) الكفر ملة واحدة يناصر بعضهم بعضا ، والمسلمون أمة واحدة كذلك. قال الرسول الأعظم (ص) : المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره (إِلَّا تَفْعَلُوهُ) إلا ـ هنا مركبة من إن الشرطية ولا النافية ، والهاء في تفعلوه تعود إلى تواصل المسلمين وتعاضدهم (تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ) إذا تخاذلتم أيها المسلمون أو اتخذتم العدو الكافر وليا تؤيدونه وتؤازرونه ـ فقد أعنتم على أنفسكم وعلى دينكم ، وجعلتم كلمة الكفر والضلال هي العليا تماما كما هو شأن العرب والمسلمين في هذا العصر! ولو لا هم لم يستطع الغرب أن يكون في هذه الحضارة والشوكة ، فهم وحدهم الذين أعطوه العصا السحرية (أي الطاقة ورأس المال).
٧٤ ـ (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا ...) أعاد سبحانه هذا النص لمجرد المدح والثناء على المهاجرين والأنصار بقوله : (أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا) لا الذين يكررون التسبيح والتحميد بعدد حبات المسابح ، وهم يحسبون أنهم