لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ) وإلا فالوفاء لأهل الغدر غدر.
٨ ـ (كَيْفَ) يجب عليكم الوفاء بعهد الناكثين للعهد (وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلا ذِمَّةً) إن يظفروا بكم لا يراعوا فيكم قرابة ولا عهدا (يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ) إلا الحسد واللؤم والحقد ، ولا يختص هذا الوصف بالمشرك أو الملحد ، فكم من ملحد هو أزكى نفسا وأوفى عهدا من الأدعياء وحسدة الرخاء.
٩ ـ (اشْتَرَوْا بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً) باعوا دينهم إلى الشيطان بأخس الأثمان.
١٠ ـ (لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً) هم أعداء ألداء لكل طيب ومخلص لا للنبي والصحابة فقط ، وهذا هو الفرق بين هذه الآية وآية (لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلا ذِمَّةً) تماما كما تقول لصاحبك : فلان لا يحبك ، بل لا يحب الخير على الإطلاق.
١١ ـ (فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ) والفرق بين هذه والسابقة هو في جواب الشرط حيث جاء الجواب هناك «فخلوا سبيلهم» أما الجواب هنا (فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ) يجري عليهم ما يجري عليهم.
١٢ ـ (وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ) مواثيقهم معكم (مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ) الذي أبرموه معكم (وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ) لا يعارض الإسلام أي إنسان في دينه أو يضطهده من أجله ، بل يبين له طريق الرشد والغي ، ويدع الآخرين ، قال سبحانه لنجيه ونبيه ، : (ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ) له الخيار في أن يعبر عما يشاء ، شريطة أن لا يطعن في عقيدة من شيء (وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ) ـ ٥٢ الأنعام» وقال الرسول (ص) للكافرين : (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) ٦ الكافرون».
١٣ ـ (أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ) عاهد الجبابرة الطغاة من قريش رسول الله (ص) على ترك القتال عشر سنين يأمن فيها الفريقان على أنفسهم وأموالهم ، وكان ذلك سنة ست للهجرة ، لكنهم خالفوا ونكثوا (وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ) أرادوا ذلك ونفذوه (وَهُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) بأنواع التنكيل والإيذاء حين أعلن الرسول دعوة الإسلام.
(أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) ومعنى هذا أن الذي يؤثر الخوف من الناس على الخوف منه تعالى فهو تماما كالذي يطيع المخلوق في معصية الخالق ، وقد فلسف الإمام علي (ع) خوف أكثر الناس من الله بكلمة واحدة ، وهي «معلول» أي مريض حيث قال : كل خوف محقق إلا خوف الله ، فإنه معلول.
____________________________________
الإعراب : (فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ) ما مصدرية ظرفية ، والظرف متعلق بفاستقيموا لهم ، والتقدير فاستقيموا لهم مدة استقامتهم لكم. وكيف وإن (كَيْفَ) خبر كان محذوفة هي واسمها أي كيف يكون لهم عهد. وإلّا مفعول يرقبوا.