٤ ـ (إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ...) استثنى سبحانه من قتل المشركين بعد الأشهر الأربعة قوما كان بينهم وبين المسلمين عهد المهادنة والمسالمة ، وحافظوا على هذا العهد ، ولم يغدروا ويخونوا ولا تعاونوا مع أعداء المسلمين عليهم. استثنى سبحانه هؤلاء ، وأمهلهم إلى مدتهم جزاء على وفائهم. ومضت مع الزمن هذه الأحكام الخاصة بأهل الشرك والجاهلية وأصبحت من أخبار كان الناقصة ، ولا جدوى عامة من إطالة الكلام فيها.
٥ ـ (فَإِذَا انْسَلَخَ) انقضى (الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ) والأشهر الحرم التي يحرم القتال فيها إطلاقا وعموما هي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب ، وليست هذه بمرادة هنا ، بل المراد في هذه الآية الأشهر التي حرم الله فيها قتال المشركين الذين تكلمنا عنهم في الأسطر السابقة ، وتبدأ من ١٠ ذي الحجة سنة ٩ ه إلى ربيع الآخر سنة ١٠ ه ، وقيل : هي شوال وذو القعدة وذو الحجة والمحرم ، وقيل غير ذلك (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) قسرا (وَخُذُوهُمْ) أسرا (وَاحْصُرُوهُمْ) حبسا (وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ) راقبوهم في كل طريق يمرون به ، ولا تدعوا أحدا يفلت منهم. (فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ ...) إن أظهروا الإسلام قبل الأجل المضروب ، وأقاموا الشعائر الإسلامية ، وأهمها الصلاة وإيتاء الزكاة ـ فلا تتعرضوا لهم بسوء.
٦ ـ (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ ...) إذا طلب المشرك الذي يحمل قتله أمانا من اي مسلم فعليه ان يجيره ويعطيه الأمان على نفسه وماله ، ويدعوه إلى الإسلام بالحكمة وسبل الإقناع ، فإن أسلم فذاك وإلا فعلى المسلم أن يوصله إلى مكان يأمن فيه على نفسه ، وكان هذا يوم كان الإسلام قويا بأهله ، أما اليوم فأهله يستجيرون بأعدائه!.
٧ ـ (كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ) الله والرسول لا يفيان بعهد الكاذب الجحود ، والخائن العنود (إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) يشير سبحانه بهذا الاستثناء إلى أن النبي كان قد عاهد قبيلة من العرب تدعى كنانة ، فعلى المسلمين أن يفوا لها بالعهد حتى ولو أصروا على الشرك إلا أن ينكثوا العهد ، فعندئذ يسوغ قتلهم ، وإلى هذا أشار سبحانه بقوله : (فَمَا اسْتَقامُوا
____________________________________
الإعراب : براءة خبر لمبتدأ محذوف أي هذه براءة. وأربعة أشهر ظرف متعلق بفسيحوا. وأذان خبر لمبتدأ محذوف أي وهي أذان. ورسوله مبتدأ والخبر محذوف أي ورسوله بريء ، ويجوز أن يكون معطوفا على الضمير في بريء لأنه اسم فاعل. إلا الذين عاهدتم (الذين) منصوب على الاستثناء من المشركين. وشيئا مفعول مطلق. كل مرصد منصوب على الظرفية متعلقا باقعدوا ، تماما كالصراط في قوله : لأقعدن لهم صراطك المستقيم. وأحد فاعل فعل محذوف دل عليه ما بعده ، أي وإن استجارك أحد من المشركين استجارك. كيف يكون (كيف) خبر كان وعهد اسمها.