السجادية : اللهم حصن ثغور المسلمين ، واشغل المشركين بالمشركين عن تناول أطراف المسلمين. (وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً) قوة وشدة بتوحيد الصفوف وجمع القلوب وتمام العدة وكريم الأخلاق (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) المجاهدين أهل البغي والفساد.
١٢٤ ـ (وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ) من القرآن (فَمِنْهُمْ) من المنافقين (مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً) أي إعجاز أو جديد في هذه السورة ، يستدعي الإعجاب أو الإيمان بالقرآن أو زيادته؟ هذا ما يقوله بعض المنافقين لبعض إذا أنزلت سورة ، وكم رأينا بالوجدان والعيان من حسود حقود يكذب على نفسه ، ويستخف بفضائل أهل الفضل ، وينعتها بكل قبيح ... ولو كان له عشر واحدة منها لتفاخر به على الأولين والآخرين! وليس هذا بأعجب وأغرب من الدماء التي تراق باسم الحرية ، والحقوق التي تهدر باسم الديمقراطية ، والأموال التي تنهب باسم الإنسانية!. (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) يزداد المؤمن هدى ويقينا بآيات الله ، ويسترشد بها إلى طريق الجنة والرضوان.
١٢٥ ـ (وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ) النفاق كداء السرطان يتفاقم يوما بعد يوم.
١٢٦ ـ (أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ) المراد بالفتنة هنا افتضاح المنافقين على الملأ وإظهار حقيقتهم لدى الجميع ، وذلك بأن الله سبحانه كان يخبر نبيه الأكرم بما يبيتون ويمكرون ، وكان النبي (ص) بدوره يعاتبهم ويفضحهم ، وقد تكرر هذا في كل عام مرة أو أكثر.
١٢٧ ـ (وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ) تكلموا بلغة العيون وغمزها متسائلين. (هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا) قد ينزل الوحي على رسول الله والمنافقون في مجلسه ، فيثقل عليهم سماعه ، ويحاولون الفرار. ولكن يخشون أن يراهم أحد المؤمنين عند خروجهم فيفتضحوا. ولذا يتساءلون : هل من سبيل إلى الفرار خفية؟ ثم يتسللون كاللصوص (صَرَفَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) عن رحمته ومغفرته.
١٢٨ ـ (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) رحمة للعالمين ، ولكن الرحمة لا تتم وتتحقق إلا أن تستجيب لها النفوس ، وتتفاعل معها المشاعر (عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ) يشق عليه أن يلقى كائن على وجه الأرض مكروها (حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) حتى بالجافي الغليظ المتوحش ، في ذات يوم جاءه أعرابي وشده ببرده في قسوة حتى أثرت حاشية البرد في عاتقه ، وقال : يا محمد احمل لي على بعيري هذين من مال الله ، فإنك لا تعطيني من مالك ولا من مال أبيك. فلم يزد الرسول على أن قال : المال مال الله وأنا عبده ويقاد منك ما فعلت. قال الأعرابي : لا. قال النبي : ولم؟ قال : لأنك لا تكافي السيئة بالسيئة ، فضحك الرسول ، وأمر أن يحمل له على بعير شعير ، وعلى الآخر تمر.
١٢٩ ـ (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) هذي هي مهمة كل