الصَّادِقِينَ) ليس المراد بالصدق هنا مجرد عدم الكذب في الحديث ، لأن كثيرا من الناس لا يكذبون ، ومع ذلك لا يجوز الاقتداء بهم في كل شيء ، بل المراد بالصادقين هنا النبي وأهل بيته المعصومون من الخطأ والخطيئة بنص الكتاب والسنة.
١٢٠ ـ ١٢١ ـ (ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ) إذا قاد الرسول الأعظم (ص) جيشا لنصرة دين الله والحق ، فعلى كل مسلم أن يسرع إليه ، ويضع نفسه وما ملكت يداه رهن إشارته ، وبالخصوص أهل مدينة الرسول وضواحيها (وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ) ولا يؤثروا راحتهم ومصلحتهم ، ويدعوه يكابد الشدائد والمصائب من دونهم (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ) هذا بيان وتعليل لفضيلة الجهاد. والظمأ العطش (وَلا نَصَبٌ) تعب (وَلا مَخْمَصَةٌ) جوع (وَلا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ) ولا يتصرفون تصرفا يسيئهم (وَلا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً) إصابة من أسر وقتل ونحوه (إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ) وآلم شيء لقلب الوطني الحر أن تطأ قدم العدو تراب أرضه وبلده ... أبدا لا فرق عنده بين أن يطأ ذرة واحدة من وطنه أو يطأ رأسه وقلبه رغما عن أنفه ، والنبيل الكريم يستهين بالموت والمال والعيال في هذه السبيل ، وما أباح الإسلام حربا إلا دفاعا ولغاية أفضل وأكمل.
١٢٢ ـ (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً) لا يجب على الناس أن ينفروا بالكامل للتفقه بالدين أو الجهاد ، لأن ذلك خطر على الحياة ، بل الجهاد مع غير المعصوم فرض كفاية لا فرض عين إذا قام به البعض سقط عن الكل ، وكذلك طلب العلم تماما كالتجارة والصناعة والزراعة (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ) لا بد أن ينفر من كل بلد أو قبيلة جماعة إلى بلد العلم ، يتعلّمون ويعملون ويعلّمون حين ينتهون من الدراسة التي تؤهلهم للإرشاد والتبليغ (لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ). أي على الجاهل أن يسمع من المرشد ويطيع. وسئل الإمام جعفر الصادق (ع) عن معنى قول النبي (ص) : اختلاف أمتي رحمة؟ فقال : ليس المراد بالاختلاف النزاع وإلا كان اتفاقهم عذابا ، بل المراد التردد في الأرض لطلب العلم.
١٢٣ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ) أي الذين تتصل أرضهم بأرضكم ، وفيه حث على سد الثغور وبناء الخطوط الدفاعية على الحدود. وفي الصحيفة
____________________________________
الأعراب : المصدر المنسك من ان اوحينا اسم كان، وعجبا خبرها ، وللناس حال من العجب. وان انذر (ان) مفرة بمعنى أي. والمصدر المنسك من أنّ لهم قدم صدق مجرور بالباء المحذوفة ، ويتعلق يبشر جملة (يدبر) حال من الضمير في استوى. (وما من شفيع) (من) زائدة وشفيع مبتدأ ، ومن بعد؟ (من) زائدة ، وجميعاً حال من الضمير في مرجعكم. وعد الله منصوب على المصدر. ومثله حقاً.