هذا المعنى قوله تعالى : (وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ). والمراد بالرجس هنا الكفر المقابل للإيمان.
١٠١ ـ (قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) والمعنى أن النظر في خلق السموات والأرض يؤدي إلى الإيمان بالله وترك هذا النظر يؤدي إلى الكفر به تعالى ، وعليه يكون الكافر مقصرا ومستحقا للعقاب ، لأن الله بين له الدليل القاطع ، فأعرض عنه ، وأبى أن ينظر إليه (وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) أي الذين يعرضون عن الأسباب الموجبة للإيمان ، وهي الآيات البينات التي أقامها سبحانه في الكون ، والكتب المنزلة والأنبياء المرسلة.
١٠٢ ـ (فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ) عاقبة أهل الفساد والضلال واحدة سواء أكانوا من الأوائل أم الأواخر (قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) واضح ، وتقدم في الآية ٧١ من الأعراف.
١٠٣ ـ (ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا) لأنهم كانوا مصدر خير في كل مجال من مجالات الحياة العامة (كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ) المجاهدين الذين يعتز الإسلام بعلمهم وإخلاصهم ونزاهتهم.
١٠٤ ـ (قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي) أي تجهلون حقيقته فهذا هو في منتهى الوضوح والبساطة : (فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَلكِنْ أَعْبُدُ اللهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ) وذكر النبي (ص) الوفاة بالخصوص لمجرد الإشارة إلى أنه تعالى هو الذي يحاسب ويعاقب بعد الوفاة ، أما آلهة المشركين فإنها لا تعقل ولا تسمع ولا تضر ولا تنفع (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) أي أن النبي يبدأ بنفسه في كل ما يدعو الناس إليه.
١٠٥ ـ ١٠٦ ـ (وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً) أخلص لله في جميع أعمالك منحرفا عن الباطل إلى الحق (وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ...) الله يعلم أن نبيه الكريم أعدى أعداء الشرك والمشركين والظلم والظالمين ، وعليه فليس النهي هنا للزجر ، بل لمجرد البيان بأن الظلم والشرك شيء عظيم.
١٠٧ ـ (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ) هذا درس بليغ لكل من يسعى على قدم الغرور ، ويذهل عن المصير ، وأنه بيد الله تعالى ، وما الطاقات والعضلات إلا وسيلة يسوقها سبحانه حيث يشاء ..
____________________________________
الإعراب : (ما ذا) ما استفهام مبتدأ ، وذا بمعنى الذي ، ويجوز أن تكون الكلمتان بمعنى أي شيء مبتدأ والخبر في السموات. وما تغني الآيات ما نافية وليست باستفهام. وكذلك الكاف بمعنى مثل مفعول ننج ، أي مثل ذلك الانجاء ، والاشارة هنا الى إنجاء قوم يونس ، وحقا منصوب على المصدر أي يحق حقا ، وعلينا متعلق بحق أو بيحق. والمصدر المنسبك من ان أكون مجرور بالباء المحذوفة. ومثله وان أقم اي وبالاستقامة وحذفت الياء من ننج للتخفيف ، وحنيفا حال من الدين.