٨٧ ـ (قالُوا يا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ...) ما من شك أن المؤمن حقا وصدقا تأمره صلاته بالمعروف وتنهاه عن المنكر كما. في الآية ٤٥ من العنكبوت ، وأيضا تأمر بدعوة الخلق إلى الحق في نطاق قدرته ومؤهلاته.
٨٨ ـ (قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ) أخبروني (إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي) على بصيرة في ديني ودعوتي ، وتقدم في الآية ٢٨ من هذه السورة (وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً) عندي من المال الحلال الطيب ما يغنيني عنكم وعن أموالكم. وبكلام ثان أدعوكم إلى النجاة والحياة لوجه الله لا أريد منكم جزاء ولا شكورا ، وأيضا (وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ) بل أبدأ بنفسي قبل أي إنسان ، وكيف أنهاكم عن شيء ولا انتهي عنه. وهذا هو الشرط الأساس في كل مصلح (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ) وإرادة الإصلاح والهداية في الأنبياء ليست مجرد شعار أو وصف طارئ ، يأتي ويذهب ، بل هي من مقومات العصمة أو الخصائص التي لا تنفصل عنها بحال ، وبعض الناس أو الأدعياء ينعتون أنفسهم بهذا الوصف دون أن ينظروا إلى معناه بعين الإعتبار ، وإنهم بذلك يدعون العصمة أو التشبه بالأنبياء من حيث لا يشعرون.
٨٩ ـ (وَيا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي) لا يكسبنكم خلافي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح ... أخشى إن تماديتم في معصية الله ومخالفتي أن ينتقم منكم بالتدمير والإبادة وهل تتجاهلون تاريخ الماضي وما حدث لقوم نوح وغيرهم لما عصوا الرسل واستهزأوا بهم؟.
اللغة : أنيب ارجع. ولا يجرمنكم أي لا يكسبنكم. والشقاق شدة الخلاف ، حيث يكون كل طرف من المتخاصمين في شق غير الذي فيه الآخر.
____________________________________
الإعراب : (وَإِلى مَدْيَنَ) معطوف على ما قبله اي وأرسلنا الى مدين أخاهم ، وشعيبا بدل من الأخ. و (مِنْ إِلهٍ) من زائدة إعرابا. و (مُحِيطٍ) صفة ليوم لفظا ، ولعذاب معنى ، وصح وصف اليوم بالاحاطة مع انه وصف للعذاب لمكان الاضافة. وأشياءهم بدل اشتمال من الناس. و (مُفْسِدِينَ) حال من واو لا تعثوا. و (بَقِيَّتُ) الله مبتدأ ، وخير خبر. والباء في بحفيظ زائدة إعرابا. المصدر المنسبك من (أَنْ نَتْرُكَ) مجرور بالباء المحذوفة. والمصدر من أن نفعل معطوف على ما يعبد آباؤنا ، والتقدير أصلاتك تأمرك بترك ما يعبد آباؤنا أو بترك فعل ما نشاء في أموالنا. و (مَا اسْتَطَعْتُ) ما مصدرية ظرفية أي مدة استطاعتي ، ويجوز أن تكون اسم موصول في محل نصب بدلا من الإصلاح أي الا الإصلاح الذي استطيعه. وشقاقي فاعل يجرمنكم ، والمصدر من ان يصيبكم مفعول ثان ليجرمنكم.