٤٩ ـ (وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً) تومئ هذه الآية إلى أن بعض المشركين كانوا على استعداد تام أن يؤمنوا بنبوة محمد (ص) لو لا مسألة البعث ، لأنها فوق ما يتصورون ويدركون.
٥٠ ـ (قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً) قالوا : كيف نحيا ونبعث ونحن عظام بالية؟ قال سبحانه لنبيّه : قل لهم : لو كنتم صخرا وفولاذا لأعادكم مرّة ثانية ، فكيف بالعظام البالية؟
٥١ ـ (أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ) بل افترضوا في تصوركم أنكم أقوى وأصلب من الصخر والحجارة والحديد والفولاذ ، ومع هذا فإنه يعيدكم ويبعثكم ... أبدا لا فرق لدى قدرته بين خلق السموات والأرض وخلق الذرة أو جناح البعوضة (فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) الذي خلقكم المرة الأولى قادر على خلقكم ألف مرة ومرة (فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ) يحركونها استبعادا وإنكارا (وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ؟ قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً) أي آت لا محالة وكل آت قريب ، وإن طال به الزمن.
٥٢ ـ (يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ) المراد باليوم يوم البعث ، وبالدعاء النفخ في الصدور ، والإستجابة كناية عن خروجهم من الأجداث ، وبحمده : طائعين منقادين (وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ) في الدنيا (إِلَّا قَلِيلاً قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) ١١٣ المؤمنون».
٥٣ ـ (وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) وهي الكلمة التي توضع في محلها اللائق ، وأفضلها كلمة عدل عند إمام جائر كما في الحديث الشريف ، فإن تجاوزت الكلمة محلها فهي سفه وجهالة ، وفي كتاب الحكمة الخالدة : من بادر إلى الكلام عن كل ما يخطر بقلبه فقد استخفّ بنفسه واحتقرها. وفي نهج البلاغة : لا تقل ما لا تعلم ، بل لا تقل كل ما تعلم (إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ) يتلمس عثرات اللسان ليتخذ منها وقودا لنار العداوة والبغضاء بين الناس.
٥٤ ـ ٥٥ ـ (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ) بمقتضى حكمته وعلمه إنكم أهل لرحمته (أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ) أيضا بمقتضى عدله وعلمه إنكم أهل للعذاب (وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) ـ ٤٩ الكهف» أنظر الآية ٣٠ من هذه السورة (وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ) كل الأنبياء بمنزلة سواء في الطاعة والعصمة عن الخطأ والخطيئة ، والتفاوت إنما هو في الرتبة والمنزلة : عالم وأعلم وعظيم وأعظم (وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً) الكتاب وداود اسم عبري معناه محبوب ، وأشار إليه سبحانه لمجرد التنبيه إلى مكانته.
٥٦ ـ (قُلِ) يا محمد للمشركين : (ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ) وعبدتم من دون الله واسألوهم أن يكشفوا ضرا أو يحولوه إلى غيركم أو يجلبوا لكم نفعا ، فهم يستجيبون؟ وتكرر هذا المعنى في العديد من الآيات.