يوم القيامة (جِئْنا بِكُمْ) يا بني إسرائيل (لَفِيفاً) جماعات من فئات وقبائل شتى.
١٠٥ ـ (وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ) أي القرآن ، وكل ما فيه حق وصدق (وَبِالْحَقِّ نَزَلَ) أي ما نزل القرآن إلا لخير الناس ومصلحتهم ، وعليه فكل ما فيه خير وصلاح فهو عند الله حلال محلل بشرط أن لا يحلل حراما أو يحرّم حلالا ، وهذا الأصل ضروري للحياة ، وتومئ إليه الآية ٩ من الإسراء : (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ).
١٠٦ ـ (وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً) لم ينزل القرآن على محمد (ص) جملة واحدة بل تدريجا تبعا للمصالح والوقائع ، أما قوله تعالى : إنا أنزلناه في ليلة القدر ، فمعناه أن ابتداء نزوله كان في هذه الليلة.
١٠٧ ـ (قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا) قل يا محمد بلا اهتمام ومبالاة بالجاحدين بك وبالقرآن : من أنتم؟ وما هو محلكم من الإعراب؟ سواء آمنتم أم كفرتم فلا كفركم حجّة عليّ أو على القرآن ، ولا إيمانكم يزيدني ثقة بديني (إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ) أي من قبل القرآن ، والمراد بأهل العلم هنا المؤمنون الذين أسلموا من أهل الكتاب (إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ) القرآن (يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً) شكرا لله على نعمة الهداية إلى الإسلام.
١٠٨ ـ (وَيَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً) واقعا لا محالة.
١٠٩ ـ (وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ) كرّر سبحانه السجود لأن الأول كان شكرا وتعظيما لله ، والثاني لتأثير القرآن في نفوسهم (وَيَزِيدُهُمْ) القرآن (خُشُوعاً) على خشوع.
١١٠ ـ (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ) لأن الرّحمن صفة لله ، وصفاته عين ذاته لا تعدد ولا تغاير (أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) أبدا كل أسمائه وصفاته تعالى على مستوى واحد حسنا وكمالا ، فلا حسن وأحسن ولا كامل وأكمل ، لأنه تعالى واحد أحد فرد صمد من كل الجهات إن صحّ هذا التعبير. (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ) لا ترفع صوتك بالقراءة في الصلاة (وَلا تُخافِتْ بِها) وأيضا تسرّه وتخفيه (وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً) قال الإمام الصادق عليهالسلام في تفسير هذه الآية : الجهر بها رفع الصوت ، والمخافتة ما لم تسمع أذنيك واقرأ قراءة بينهما.
١١١ ـ (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) نحمده تعالى على عظيم إحسانه ، وننزّهه عن الولد والصاحبة والشريك والولي الذي يفتقر إليه ، لأنه تعالى الغنيّ بذاته وصفاته ، والمغني لغيرة لا يفتقر إلى شيء ، وكل شيء يفتقر إليه في وجوده وبقائه. والحمد لله الذي منّ علينا بقرآنه ونبيّه محمد وآله عليه وعليهم أفضل الصلوات.