٢١٤ ـ (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) في كتاب فضائل الخمسة من الصحاح الستة ج ٢ ص ١٩ وما بعدها نقلا عن تاريخ الطبري ج ٢ ص ٦٢ طبعة سنة ١٣٥٧ ه : «انه حين نزلت هذه الآية دعا النبي (ص) بني عبد المطلب وقال لهم : جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وأمرني الله أن أدعوكم إليه ، فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟ فأحجم القوم جميعا إلا عليا قال : أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه ، فأخذ النبي برقبة علي ثم قال : إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا. وأيضا نقل صاحب فضائل الخمسة من الصحاح الستة عن كنز العمال ج ٦ ص ٣٩٢ طبعة سنة ١٣١٢ ه ـ الحديث المذكور باختلاف يسير ، وأسنده صاحب الكنز إلى ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم وأبي نعيم والبيهقي» وأنا قرأت هذا الحديث في تفسير ابن كثير. وقال المرحوم العقاد في كتاب عبقرية الإمام : «لو كان علي يرتاع لارتاع يومئذ بين أولئك الشيوخ الذين رفعتهم الوجاهة ، ولكنه كان عليا في السن الباكرة كما كان وهو في الخمسين أو الستين ، فما تردد وهم صامتون أن يصيح صيحة الواثق الغضوب : أنا نصيرك ... وعلم القدر وحده أن تأييد ذلك أعظم وأقوم من حرب أولئك القروم. عليّ هذا هو الذي نام في فراش النبي ليلة الهجرة ، وقد علم من تأتمر به مكة كلها من قتل النائم على الفراش. وعليّ هذا تصدى لعمرو بن ود ... كأنه لا يعرف من يخاف ولا كيف يخاف».
٢١٥ ـ (وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) الغرض من هذا الأمر التنويه بحرمة المؤمن وانها عظيمة عند الله ورسوله ، وإلا فإن محمدا (ص) متواضع بطبعه ، ورؤوف رحيم بكل المخلوقات حتى بالحيوان ، رأى كلبة مع صغارها فأمر برعايتها ، وهذا شيء رائع في ذلك العصر ، كما قال الكاتب الإنكليزي منتوجمري ، ومن أقواله : رب دابة مركوبة خير من راكبها ٢١٦ ـ ٢١٨ ـ (فَإِنْ عَصَوْكَ) عشيرتك الأقربون (فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ) قال الإمام علي (ع) وهو أقرب الأقرباء إلى محمد (ص) : ان ولي محمد من أطاع الله وان بعدت لحمته أي نسبه وان عدو الله من عصى الله وإن قربت قرابته ٢١٩ ـ ٢٢٠ ـ (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) جاء في أخبار أهل البيت (ع) أن محمدا (ص) تقلب في أصلاب النبيين نبي بعد نبي حتى أخرجه من صلب أبيه من نكاح غير سفاح من لدن آدم. وبعضهم فسر الآية بهذا الخبر ، ولكن السياق يدل على أن الله رأى نبيه الكريم حين يصلي منفردا وحين يصلي جماعة ، وكل من التفسيرين صحيح في ذاته ومن حيث هو ٢٢١ ـ (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ) هذا الخطاب موجّه لمن زعم أن القرآن من وحي الشياطين ، ورد سبحانه عليهم بقوله :
٢٢٢ ـ (تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ) الشياطين توحي وتوسوس للأشقياء والسفهاء لا للأنبياء والأتقياء.
٢٢٣ ـ (يُلْقُونَ السَّمْعَ) أي المشركون يستمعون ويصدقون الكهان وشياطين الإنس ، وأكثر هؤلاء يكذبون.
٢٢٤ ـ (وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ) قال المشركون عن محمد (ص) من جملة ما قالوا : انه شاعر. فرد عليهم سبحانه أولا أن الشعراء يتبعهم أهل الجهل والضلال ، والذين آمنوا بمحمد واتبعوه إنما اتبعوه عن علم بصدقه ، ودليل على نبوته ثانيا ٢٢٥ ـ (أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ) الشعراء (فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ) يتخيلون وينظمون كلاما لا أساس له إلا ما يدور