وقالت له ما قال أبوها (فَلَمَّا جاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ) ذكر له ما كان من أمره والسبب الذي خرج من أجله. ولما انتهى موسى من قصته قال له الشيخ : (لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) وانك عندنا لفي مكان أمين.
٢٦ ـ (قالَتْ إِحْداهُما يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) وما شهدت إلا بما رأت من قوته وهو يسقي الغنم ، ومن عفته حين توجهت إليه بالدعوة إلى أبيها.
٢٧ ـ (قالَ) الشيخ لموسى : (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ) على أن ترعى غنمي ثماني سنين ، فإن تبرعت بزيادة سنتين فذاك إليك (وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ) وألزمك بالسنتين ولا ببنت معينة من البنتين ، بل أترك لك الخيار.
٢٨ ـ (قالَ) موسى للشيخ : (ذلِكَ) الشرط أو العهد (بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ) الثماني أو العشر (فَلا عُدْوانَ عَلَيَ) لا حرج عليّ بعد الثماني سنين. وفي الحديث الشريف : ان موسى (ع) آجر نفسه بعفة فرجه وطعمة بطنه.
٢٩ ـ (فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ ...) وفي بعض التفاسير قضى أتم الأجلين ، وليس هذا ببعيد عن خلق الأنبياء وفي شتى الأحوال جمع موسى أشتات متاعه ، وسافر إلى مصر بأهله ، وفي ليلة مظلمة ضلّ الطريق ، فرأى نورا ظنّه نارا.
اشارة :
اختلف المفسرون في هذا الشيخ من هو؟ فأكثرهم على أنه شعيب ، وقال فريق منهم : انه غيره .. ولا مستند لهؤلاء وأولئك إلا مرجحات لا تغني عن الحق شيئا .. ولسنا نهتم بمثل هذه الاختلافات ، ما دامت لا تمت الى العقيدة والحياة بسبب. وقد اخترنا اسم شعيب لهذه الشخصية لمجرد التعبير عنها ، ولأن هذا الاسم هو الشائع بين الأكثرية كما شاع بين طلاب النجف وعلمائها : ليس النزاع في التسمية من دأب المحصلين.
___________________________________
الإعراب : وعلى استحياء في موضع الحال أي مستحية. والقوي الأمين خبر ان. وهاتين عطف بيان من ابنتيّ. وعلى ان تأجرني في موضع الحال أي مشروطا عليك. وثماني ظرف لأنها مضافة اليه وعشر أيضا ظرف لأن المعنى فإن أتمت العمل في عشر سنين. فمن عندك متعلق بمحذوف خبرا لمبتدأ محذوف أي فالتمام كائن من عندك. وذلك مبتدأ وبيني وبينك خبر أي بيننا. أيما كلمتان (اي) الشرطية و (ما) الزائدة ، ومحل أي نصب بقضيت. فلا عدوان جواب الشرط.