إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) ليس المراد بالمترفين الأغنياء على وجه العموم ، كيف ورسول الله (ص) تعوذ من الفقر وقال : كاد الفقر يكون كفرا. اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا. المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف. وكان خليل الرّحمن كثير المال حتى ضاقت بلدته بمواشيه ، وإنما المراد بالمترفين المحتكرون لموارد العباد والمتحكمون بالأسواق والأسعار.
٣٥ ـ (وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) هذا هو منطق المترفين المحتكرين : العيش الأكثر رفاهية ، والمال الأكثر جمعا وتراكما ولو عن طريق النهب والاغتصاب ـ هو مقياس الحق والعدل ، بل ومرضاة الله أيضا حيث يستحيل من حقه وعدله أن يعطيهم هذا الثراء في الحياة الدنيا ثم يعذبهم عليه في الآخرة! وجهلوا وتجاهلوا أن هذا الثراء من الحرام لا من الحلال ، وأن الله سبحانه يحاسب عليه من أين أتى؟ وفيما أنفق؟ إضافة إلى قوله تعالى : (إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً) ـ ١٧٨ آل عمران ... (يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ) ـ ٣٥ التوبة».
٣٦ ـ (قُلْ إِنَّ رَبِّي ...) تقدم في الآية ٢٦ من الرعد وغيرها.
٣٧ ـ (وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ) ولا شيء على الإطلاق يقربكم من الله إلا العمل الصالح النافع للفرد والجماعة ، فهو وحده المقياس لمرضاة الله وجناته.
٣٨ ـ ٣٩ ـ (وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ) تقدم في الآية ٥١ من الحج و ٥ من السورة التي نحن بصددها (وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ) ويضاعفه أيضا بنص الآية ٢٦١ من البقرة : (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ) وجربت بنفسي وقرأت وسمعت كثيرا أن الصدقة دفعت أعظم البلايا والرزايا ، وفي الحديث أن الصدقة تقع في يد الرّحمن قبل أن تقع في يد السائل ، وفي نهج البلاغة الصدقة دواء منجح.
٤٠ ـ (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ) القصد من هذا السؤال مجرد تقريع المشركين وتوبيخهم ، وتدل الآية أن بعض العرب كانوا يعبدون الملائكة.
٤١ ـ ٤٢ ـ (قالُوا سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا) نحن عبادك.
___________________________________
الإعراب : (كافِرُونَ) اسم انّا ، و (بِما أُرْسِلْتُمْ) متعلق بكافرين ، وبه متعلق بأرسلتم. و (أَمْوالاً وَأَوْلاداً) تمييز. وبمعذبين الباء زائدة إعرابا ، و (بِمُعَذَّبِينَ) خبر نحن. و (زُلْفى) مفعول مطلق لتقربكم. إلا من آمن وعمل صالحا على الاستثناء المنقطع أي لكن من آمن وعمل صالحا فإيمانه وعمله الصالح يقربانه من الله زلفى. فأولئك مبتدأ أول وجزاء مبتدأ ثان والضعف مجرور بالإضافة من إضافة المصدر الى مفعوله فأولئك نضاعف لهم الجزاء ، ولهم خبر الثاني ، والجملة من الثاني وخبره خبر الأول ، وهؤلاء مبتدأ وإياكم مفعول يعبدون.