بِشِرْكِكُمْ) يبرءون منكم ويوبخونكم على الشرك والضلال.
١٥ ـ (يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) افتقار المخلوق إلى خالقه دون العكس قضية ضرورية الصدق واليقين ، تستمد هذه الضرورة من صلب تكوينها اللفظي تماما كما تقول : للمثلث زوايا ثلاث ، وعلى هذا يكون الغرض من الآية أن يتوكل الإنسان في جميع أموره على خالقه ويتضاءل أمام عظمته ، ويتجرد عن كل كبر وعجب وغطرسة حتى ولو كان أقوى الأقوياء مالا وسلطانا وهذا النوع من الفقر محبوب ومطلوب عند الله والعقلاء ، لأن الشعور به يدفع إلى الخير ، ويمنع عن الشر.
١٦ ـ ١٧ ـ (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ) لا تضره تعالى معصية من عصاه ، ولا تنفعه طاعة من أطاعه وإلا لأتى بقوم لا يعصون ما أمر ، وتقدم في الآية ١٩ من إبراهيم.
١٨ ـ (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) لكل امرئ عمله ، ولا يعذب عذابه أحد ، وتقدم بالحرف في الآية ١٦٤ من الأنعام (وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها) كل نفس تحمل أوزارها وأثقالها ، وإذا طلب من قريب أو حبيب أن يحمل عنها ويخفف من حملها (لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى) لأن كل إنسان في شغل شاغل بنفسه عن غيره.
(إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ) الدليل الأقوى على الإيمان والتقوى أن يتورع المرء عن الحرام ومعصية الله ، والناس كل الناس بعيدون عنه وغائبون ، لا يخشى منهم عتاب أو عقاب ، وهؤلاء هم الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
١٩ ـ ٢٣ ـ (وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ ...) ليس سواء عند الله وفي الواقع من انحرف عن الحق إلى الباطل وعن العلم إلى الجهل ، وعن مرضاة الله ونعيمه إلى غضبه وجحيمه (إِنَّ اللهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ) وهم الطيبون الذين يبحثون عن السبيل المؤدية إليه كما قال سبحانه : (لَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ) ـ ٢٣ الأنفال» (وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ) المراد بهم هنا الذين لا يدينون بأي دين ولا يفهمون أية لغة إلا لغة «أنا ومن بعدي الطوفان».
٢٤ ـ (إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً) داعيا إلى
___________________________________
الإعراب : وكل من وازرة وأخرى ومثقلة صفة لنفس محذوفة أي ولا تزر نفس وازرة وزر نفس أخرى. ولو كان ذا قربى «لو» لوصل واسم كان محذوف أي ولو كان المدعو ذا قربى.