٢١ ـ (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) ... نفذ في جوف الأرض ، ثم خرج عيونا صغارا وكبارا ، يسقي الزرع المختلف لونا وطعما ، كل ذلك وغير ذلك يجري على سنن الله الكونية التي لا تتغير ولا تتبدل (ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا) يذهب شبابه ونضارته (ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطاماً) هشيما تذروه الرياح (إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ) بأنه لا بد من صانع قدير وحكيم ، يقدر ويدبر.
٢٢ ـ (أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ) من مبتدأ وخبره محذوف أي كالقاسي قلبه ، والمعنى أن الله سبحانه إذا علم من عبده الإخلاص وصدق النية في طلب الهداية ـ هداه إلى الخير ، وأخذ بيده إلى بغيته (فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ) أي على بينة من دينه وإيمانه (فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ) كل من عاند وتمرد على الحق فهو كالصخور القاسية والأنعام السائمة.
٢٣ ـ (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ) القرآن العليم الحكيم في عقيدته وشريعته ومواعظه وحكمه وجميع تعاليمه ومبادئه (كِتاباً مُتَشابِهاً) مبنى ومحتوى ، لا تهافت وتنافر بين معانيه لأنها من لدن حكيم خبير (مَثانِيَ) أي تثنى أحكامه ومواعظه فيجمع بين الأمر والنهي ، والوعد والوعيد ، والكفر والإيمان ، والجنة والنار (تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) إذا تليت عليهم آية العذاب (ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللهِ) إذا سمعوا آية الثواب ، وأوضح تفسير لهذه الآية قول الإمام عليّ (ع) في وصف المتقين : «فهم والجنة كمن قد رآها فهم فيها منعمون ، وهم والنار كمن قد رآها فهم فيها معذبون» (ذلِكَ هُدَى اللهِ) علم سبحانه فيهم خيرا فأسمعهم وهداهم كما جاء في الآية ٢٣ من الأنفال (يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ) الله سبحانه يدع الإنسان وما يختار حيث لا دين وإيمان مع الجبر والإكراه ، فإن اختار لنفسه الهدى شمله بعنايته ، ومن أراد الضلال تخلى عنه بعد البيان والإنذار.
٢٤ ـ (أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ) قال الشيخ الطبرسي : المراد بيتقي هنا يستقبل ، والمعنى أن الإنسان يتقي الضرر بيده ، ولكن الذي في النار مغلول اليدين ، فيضطر أن يتقي النار بوجهه (وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ) تماما كما تزرع تحصد.
___________________________________
الإعراب : المصدر من (أَنْ يَعْبُدُوها) بدل اشتمال من الطاغوت. و (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ) مبتدأ وأولئك (الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ) خبر. و (أُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ) مبتدأ وخبر وهم ضمير الفصل. أفمن «من» مبتدأ وخبره محذوف أي كمن نجا من العذاب. وألوانه فاعل مختلفا وحطاما مفعول ثان ليجعله. (أَفَمَنْ) شرح «من» مبتدأ وخبره محذوف أي كمن قسا قلبه ، ومثله (أَفَمَنْ يَتَّقِي). و (كِتاباً) بدل من (أَحْسَنَ الْحَدِيثِ). و (مُتَشابِهاً) صفة كتاب. ومثاني صفة ثانية. وجملة تقشعر صفة ثالثة.