٤١ ـ (إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ) يا محمد (الْكِتابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِ) وبلغت الرسالة على أكمل وجه (فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ) أجر الهداية لا لك ولا لغيرك (وَمَنْ ضَلَ) فعليها وزر الضلالة لا عليك ولا على غيرك ، وتقدم في الآية ١٠٤ من الأنعام.
٤٢ ـ (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ) للوفاة نوعان : الموت الذي يترك الجسم جثة هامدة ، والنوم الذي يسلب الإدراك واليقظة فقط ، وأشار سبحانه إلى النوع الأول بقوله : (حِينَ مَوْتِها) أي يقبض الروح حين يأتي الأجل ، وأشار إلى الثاني بقوله : (وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها) أي ويقبض هذه أيضا حين النوم (فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ) ولا يردها إلى الجسم إلى يوم يبعثون (وَيُرْسِلُ الْأُخْرى) يردها إلى الجسم ، ولكن على أمد معيّن ، وفي تفسير المراغي أن الإمام عليّ (ع) قال : الله يتوفى الأنفس كلها ، فما رأته وهي عنده فهي صادقة ، وما تراه بعد إرسالها فهي كاذبة فعجب عمر من قول الإمام.
٤٣ ـ ٤٤ ـ (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ شُفَعاءَ ...) ينحتون بأيديهم أحجارا ، ويقولون : هذه تشفع وتنفع عند الله ، وأقسم مرتين أن هؤلاء الجاهلين بجهلهم هم أفضل عند الله من الذين ائتمنوا على طعام الجياع ، وكساء العراة وأجرة المأوى للمشردين ، فخافوا الأمانة ، واغتصبوا أرزاق المساكين وهم متخمون ، وتركوا المعذبين في الأرض يموتون من الجوع والبرد ، وتقدم في الآية ١٨ من يونس.
٤٥ ـ (وَإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ) انقبضت ونفرت (قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) يوحشهم الحق لأنهم ليسوا من أهله (وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ) الأصنام (إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) يأخذ الباطل موخذه في كل مجتمع يفقد الوعي ويسوده الجهل ، وأي فرق بين هؤلاء وبين الذين يختارون الآن من اللصوص والقراصنة نوابا وحكاما؟
٤٦ ـ (قُلِ اللهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ابتدعهما من غير مثال سابق (عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) السر والعلانية (أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ) وحكمك الفصل.
___________________________________
الإعراب : (أَوَلَوْ كانُوا) الهمزة للإنكار والواو للحال أي تتخذونهم شفعاء وهم لا يعقلون. وجميعا حال من الشفاعة. (اللهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ) أي يا الله يا فاطر السموات يا عالم الغيب.