الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ) الفرح : السرور ، والمرح : شدة الفرح ، والآية تخاطب المشركين ، ولكن الحكم والتوبيخ ، يعم ويشمل الكثير ممن يدعون الإيمان ، ثم يفرحون باليسير ينالونه من الدنيا ، ولا يحزنهم الكثير مما يفوتهم من خير الآخرة ، بل هذا الذم والتقريع ، بهم ألصق وأليق ، لأن المشركين والكافرين أقبلوا على الدنيا وهم كافرون بالدين ظاهرا وباطنا ونحن امتطينا الدين إلى الدنيا!.
٧٦ ـ (ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها) اتفق المسلمون قولا واحدا على أن الكفر بالله يوجب الخلود في النار ، واختلفوا في المسلم الذي لا ينتهي عن كبار الذنوب والآثام ، وأكثر المذاهب الإسلامية على أنه لا يخلد ، بل يدخل النار إلى أمد. ولكن الله سبحانه قال في الآية ٩٣ من النساء : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها) وفي الآية ٣٢ من المائدة : فكأنما قتل الناس جميعا ، ومهما شككت فإني لا أشك إطلاقا أن من يتجر بالدين ، ويمتطيه إلى الدنيا وحطامها فهو في حكم الكافر من حيث الخلود في النار لقوله تعالى : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها) ـ ١٤ النساء» وأي عصيان وتعد أعظم من هذا التعدي والعصيان؟
٧٧ ـ (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌ) تقدم في الآية ٥٥ من هذه السورة (فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ) يا محمد (بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ) من العذاب في الدنيا لأنهم كذبوك وآذوك ، أو نختارك إلينا قبل ذلك ، وتشهد عذابهم في الآخرة.
٧٨ ـ (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ ...) تقدم في الآية ١٦٤ من النساء (وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) المعجزة بيد الله لا بيد رسوله (فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللهِ) وهو يوم القيامة ، رأيت المكذبين في عذاب الجحيم.
٧٩ ـ ٨١ ـ (اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ ...) لا حكم شرعي هنا ولا أي غرض سوى أن نذكر ونشكر إفضاله وإنعامه تعالى ، ولا يلهينا عنه الأموال والأولاد والأشغال ، وتقدم في الآية ١٤٢ من الأنعام وغيرها.
٨٢ ـ (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا ...) قرأت من جملة ما قرأت ما نشرته جريدة أخبار اليوم المصرية ٢٨ ـ ١٠ ـ ١٩٧٢ مقالا بعنوان انتظروا معجزة من السماء ، جاء فيه : «فقد أتيح للأجيال أن تدرك أن كل ما جاء به القرآن هو الحق ، من ذلك أن الحفريات والعلوم والآثار استطاعت تحقيق موقع انفلاق البحر عند ما خرج موسى باليهود من مصر ، وسفينة نوح ، وآثار مدينة سبأ ، وحفريات سيدنا يوسف ... إلى جانب العلوم الحديثة» وهنا يكمن السر لتوكيد القرآن وحثه على النظر في حياة الأمم الماضية وما تركته من آثار ـ في هذه الآية والآية ١٠٩ من يوسف و ٤٦ من الحج و ٩ من الروم و ٤٤ من فاطر ، وأيضا يأتي.
___________________________________
الإعراب : (أَبْوابَ) منصوبة بنزع الخافض أي ادخلوا في أبواب (فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) المخصوص بالذم محذوف.