٣ ـ (نَزَّلَ عَلَيْكَ) يا محمد (الْكِتابَ) القرآن (بِالْحَقِ) بكل ما يحويه (مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) من الكتب المنزلة على الأنبياء السابقين (وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ) كلمة عبرانية بمعنى الشريعة (وَالْإِنْجِيلَ) من كلمة يونانية وهي «أونجيلون» بمعنى البشارة.
٤ ـ (مِنْ قَبْلُ) القرآن (هُدىً) بيان (لِلنَّاسِ) قوم موسى وعيسى (ع) (وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ) قال الإمام الصادق (ع) ؛ هو كل آية محكمة في الكتاب (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ) المنزلة (لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ ...) وكل بلاء دون النار عافية كما قال الإمام (ع).
٥ ـ (إِنَّ اللهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) ونستغفره مما علمه منّا ، وأحصاه علينا.
٦ ـ (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ) من مني يمنى كما صورنا نحن أو من غير نطفة ومني كما صور آدم وعيسى.
٧ ـ (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ) يا محمد (الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ) بيّنات واضحات ، لا تحتمل تأويلا ولا تخصّصا ولا نسخا (هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ). أصله ومعظمه ، وبهنّ تفسّر غيرهن من الآيات (وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ) محتملات لأكثر من معنى.
(فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ) انحراف وأهواء (فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ) يتجاهلون الكلام الواضح. ويتشبّثون بالمجمل يفسّرونه بما يشتهون (ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ) يفسدون عقول الناس وقلوبهم ، ليبتعدوا عن الحق وأهله (وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ) بما تشتهي أنفسهم (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) والتأويل : التفسير ، أما الراسخون في العلم فهم الذين لا يقولون إلا عن علم ، ويعترفون صراحة بالعجز عن فهم ما حجب الله علمه عنهم ، ولا يتعمّقون ويتعسفون فيما لم يكلّفهم الله بالبحث عن كنهه. كما جاء في الخطبة ٩٨ من نهج البلاغة (يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ) أي بالمتشابه ، وفوّضنا أمره إلى الله حتى نلقى من هو أعلم منّا وأرسخ بما أراد الله (كُلٌ) من المحكم والمتشابه (مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ) هذا مدح للراسخين بحسن التأمّل والتفكّر.
٨ ـ (رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا) لا تبتلينا بمصائب تزيغ فيها القلوب (بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا) إلى الحقّ بتوفيقك وعنايتك (وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً) وبالخصوص نعمة التوفيق
____________________________________
الإعراب : (مُصَدِّقاً) حال من الكتاب ، و (هُدىً) مفعول من أجله لا نزل ، ويجوز أن يكون حالا ، و (كَيْفَ) محل نصب قائم مقام المفعول المطلق ، أي (يُصَوِّرُكُمْ) تصويرا أيّ تصوير يشاؤه ، مثل أفعل (كَيْفَ) شئت ، والمعنى أيّ فعل شئت ، ويجوز أن تكون حالا.