في الآية ٧ من هود (وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) وتدل هذه الآية أن الماء كان موجودا قبل خلق السموات والأرض ، وعليه يكون المراد بالدخان بخار الماء كما ذهب إليه بعض الفلاسفة القدامى (فَقالَ لَها) للسماء (وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) هذا القول ينطق به لسان الحال والواقع ويعلن في كل حين أن الكون بما فيه ومن فيه منقاد لأمره تعالى ، ومستسلم لمشيئته.
١٢ ـ (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ) المراد بالسماوات السبع الأكوان السبعة لا الكواكب السبعة ، وقد يكون ذكر السموات السبع منزلا على عادة الناس في تخاطبهم حيث يقولون السموات السبع والأرضون السبع قبل نزول القرآن (وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ) خلق في كل سماء ما فيها من الكواكب وغيرها مما علمه عند خالقه (وَحِفْظاً) يحفظ الله الكون بسنن محكمة وثابتة (ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) وفي الآية ٢٣ من المرسلات (فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ) على أن نعطي كل كائن جميع ما يحتاج إليه في عالمه.
١٣ ـ (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ) قل يا محمد لمن أعرض عنك وعن دعوتك : اني أخاف أن يصيبكم الله بعذاب من عنده مثل ما أصاب الأولين.
١٤ ـ (إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ) أي بالغوا واجتهدوا في الإرشاد والتبليغ وسلكوا إليه كل سبيل ، فما كان جواب المرسل إليهم إلا أن (قالُوا لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً) لا يرسل الله بشرا من الأرض ، بل يرسل ملائكة من السماء ، وتقدم في الآية ٢٤ من «المؤمنون؟» ١٥ ـ (فَأَمَّا عادٌ) قوم هود فأخذتهم العزة بالإثم (وَقالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً) فأجابهم (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً)؟ وهل المخلوق بشيء يذكر إذا نسب إلى خالقه؟ قال الإمام عليّ (ع) : كل عزيز غير الله ذليل ، وكل قوي غيره ضعيف ، وكل مالك غيره مملوك ، وكل عالم غيره متعلم ، وكل قادر غيره يقدر ويعجز.
١٦ ـ (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً) باردة مهلكة (فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ) نكدات ، وتقدم في الآية ١٣ من فصلت.
___________________________________
الإعراب : طوعا أو كرها مصدر في موضع الحال أي الطائعين أو كارهين. و (سَبْعَ سَماواتٍ) حال من ضمير قضاهن. وحفظا منصوب على المصدر. المصدر من (أَلَّا تَعْبُدُوا) مجرور بباء الجر المحذوفة أي جاءتهم بعدم العبادة لغير الله. و (عادٌ) مبتدأ واستكبروا خبر. و (قُوَّةً) تمييز.