٣٦ ـ (فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ) كالجاه والمال والصحة (فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا) وزينتها ، وهو حلال طيب ، تمتعوا به هنيئا مريئا بشرط واحد وهو أن لا يؤدي إلى الحرام قال سبحانه : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ) ـ ٣٢ الأعراف» (وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقى) وليس معناه أن عدم المتاع خير من وجوده ، بل معناه أنفق منه في سبيل الله والصالح العام لتنتفع به عند الله يوم تلقاه (لِلَّذِينَ آمَنُوا) بالله ، أما الذين كفروا به فأجرهم عند من عملوا له.
٣٧ ـ (وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ) كالظلم والزنا والفساد في الأرض ، وتقدم في الآية ٣١ من النساء (وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) يردون جهل الجاهل بتجاهله.
٣٨ ـ (وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ) يؤدون العبادات ، ويتورعون عن المحرمات ، أما من يتقي الله في طهارته وصلاته ويتبع الهوى في ملذاته فهو من حزب الشيطان.
(وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ) طال الكلام وكثر حول هذه الآية ، ولكن القرآن ينطق بعضه ببعض ، وتقول الآية ١٥٩ من آل عمران لرسول الله (ص) : (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) وعليه يكون المراد بالأمر في قوله : (وَأَمْرُهُمْ شُورى) عين الأمر الذي شاور فيه النبي الصحابة ، وثبت أنه شاورهم في الحرب وما جرى مجراها ، فينبغي تفسير أمر الشورى بذلك ولا يتعداه.
٣٩ ـ (وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ) ليسوا أكلة لكل راغب ولا مطية لكل راكب ، بل يستميتون من أجل حريتهم وكرامتهم والذود عن حياضهم وبلادهم.
٤٠ ـ (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ١٩٤ البقرة (فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ) وإن تعفوا أقرب للتقوى ٢٣٧ البقرة ٤١ ـ (وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ ...) فلا عتاب ولا عقاب ، لأن البادي هو الظالم.
٤٢ ـ ٤٣ ـ (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ) لا كفارة إطلاقا لمن اعتدى على واحد من عيال الله ، فكيف بالذين زلزلوا الأمن بأسلحتهم الجهنمية ، وأرهبوا الدنيا بطغيانهم وجبروتهم ، وأساءوا إلى الأمم بدسائسهم ومطامعهم؟ (أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) وهذا التهديد والوعيد نوع من الكفاح القرآني لعتاة البغي والفساد ، ودرس لنا نحن الناهين عن المنكر أن نجابه بكلمة الله والحق كل جائر ومفسد ، ولا نخاف لومة لائم.
___________________________________
الإعراب : ويعلم بالنصب على حذف اللام أي ليعلم ، وقيل بالعطف على محذوف أي لينتقم منه ويعلم الذين الخ.