٢٨ ـ (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا) للمطر أسبابه الطبيعية ، ولكن كل سبب طبيعي هو سبب إلهي ، لأنه تعالى هو خالق كل شيء ، وإذا تأخر المطر لسبب أو لآخر قنط الناس ، فيتداركهم سبحانه برحمته التي وسعت كل شيء.
٢٩ ـ (وَمِنْ آياتِهِ) تعالى الدالة على قدرته وعظمته (خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) المراد بالسماوات هنا الأشياء العالية المترفعة سواء أكانت من الكواكب أم غيرها (وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ) أي كل ما فيه حياة أيا كان نوعه ، وكلها تنطبق بوجود باريها ومصورها (وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ) تماما كما قدر على خلقهم وبثهم في الأرض والسماء.
٣٠ ـ (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) تدل هذه الآية بوضوح أن الظلم والبؤس والضعف والانحطاط من الأنظمة الجائرة والأوضاع الفاسدة لا من صنع الله العادل ولا من شريعته الحنيفة السمحة التي لا حرج فيها ولا ضرر.
٣١ ـ (وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ) لا يعجزه من طلب ، ولا يفوته من هرب ، وتقدم في الآية ٢٢ من العنكبوت ٣٢ ـ (وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ) السفن (فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ) جمع علم وهو الجبل ، وإذا كانت السفينة من تركيب الإنسان فإن ربانها وموادها من صنع الرّحمن ، معطوفا عليه وعليها الماء والهواء ، حتى السيارة وسفينة الفضاء والكهرباء كانت موجودة في الطبيعة ، واكتشفها الإنسان واستخدمها ، في مصلحته.
٣٣ ـ (إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ) أو يجمد الماء (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ) باهرة واضحة على أن وراء الكون مدبرا مقتدرا.
٣٤ ـ (أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا) يهلك أصحاب السفينة بذنوبهم ، ولكنه يمهل ولا يهمل.
٣٥ ـ (وَيَعْلَمَ) بالنصب على حذف اللام أي ليعلم (الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ) أي أنه تعالى أشار إلى السفينة وقدرته على هلاكها بمن فيها ليذكر الجاحدين بأنهم يكفرون بالله وهم آمنون ، وإذا أحدقت بهم المخاطر ولم يجدوا بدا منها ولا محيصا عنها ، اعترفوا بالله ولجأوا إليه تلقائيا.
___________________________________
الإعراب : (الْجَوارِ) مبتدأ وأصلها الجواري وحذفت الياء تخفيفا وفي البحر متعلق بها. و (كَالْأَعْلامِ) الكاف بمعنى مثل حالا من الجواري. (فَيَظْلَلْنَ) محلها الجزم جوابا للشرط. و (رَواكِدَ) حال. والضمير في ظهره إلى البحر. أو يوبقهن ويعف عطف على يظللن.