الرِّقابِ) احصدوا أعداء الإنسان الكافرين بقيمة الإنسانية ، ولا تأخذكم في دين الله وحق الإنسان رأفة ولا هوادة (حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ) إذا أكثرتم فيهم القتل والأسر ، وظفرتم بهم فأحكموا وثاق الأسير كيلا يفر (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً) أما إطلاق الأسير بعوض أو بدونه فتقديره إليكم تبعا للحكمة والمصلحة (حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها) حتى يستسلم العدو ويلقي السلاح (ذلِكَ) إشارة إلى جهاد قوى البغي والشر (وَلَوْ يَشاءُ اللهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ) ولو أراد سبحانه لا لانتقم من الأشرار بلا جهاد وقتال ، ولكنه شرع الجهاد بالأنفس والأموال ليميز بين أنصار الخير والحق وأهل الباطل والضلال. واقرأ معي هذه الآية : (قالُوا وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ) ... (فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ) ـ ٢٤٦ البقرة».
٧ ـ ٨ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ) قال الإمام عليّ (ع) : القرآن حمال ذو وجوه. وعليه يسوغ لنا أن نفسّر هذه الآية بأن الجزاء من جنس العمل ، على وجه العموم ، فيكون المعنى من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ، وهل من أحد يشك في أن تعاضد المسلمين قولا وعملا ، وتعاونهم على ما فيه النفع والصلاح للجميع هو خير وانتصار لدين الله؟ وأيضا هل من شك في أنهم لو فعلوا ذلك لكان لهم واسع الملك وقوة السلطان؟ وهل تقاس هيبة الدين وسلطته إلا بقوة أهله وتقدمهم؟ (وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ) هلاكا لهم يوم القيامة (وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ) لا تعود عليهم بخير.
٩ ـ (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللهُ) انحرفوا عن جادة الحق (فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ) لا خير فيها ولا جدوى من ورائها.
١٠ ـ (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ ...) تقدم مرارا منها في الآية ١٠٩ من يوسف.
١١ ـ ١٢ ـ (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ) المولى : الناصر ، ونادى أبو سفيان وهو يحارب المسلمين : لنا العزى ولا عزى لكم. فقال النبي (ص) للصحابة قولوا له : الله مولانا ولا مولى لكم ، وتقدم في الآية ٢٥٧ من البقرة (وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ) في الحياة الدنيا (وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ) هي في غفلة عن الذبح ، وهم في غفلة عن النار التي هي مثواهم وبئس القرار.
___________________________________
الإعراب : وكل من «منا» و «فداء» نائب مناب فعل محذوف ، والأصل إما تمنون منا وإما تفادون فداء. و (الَّذِينَ كَفَرُوا) مبتدأ والخبر فعل مضمرة أي فأتعسناهم (فَتَعْساً).