وَأَهْلُونا فَاسْتَغْفِرْ لَنا) حرص النبي (ص) أن يكون معه في هذه العمرة أكبر عدد من المسلمين ، فتخلف عنه قوم من الإعراب وآخرون من المنافقين ، وتعللوا كذبا ونفاقا بتدبير الأهل والأموال ، ولما عاد النبي (ص) إلى المدينة طلبوا الصفح (يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ) لا شيء في قلوبهم كي يعبّروا عنه ، بل يتقلبون تبعا للمنافع والمطامع (قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً ...) من الذي يرد أمره تعالى خيرا كان أم شرا.
١٢ ـ ١٣ ـ (بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً) ما تخلفتم عن النبي لعذر أيها المنافقون ، بل اعتقدتم أنه والصحابة مغلوبون بقوة المشركين لا محالة (وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ) بأن الله لن ينجز وعده وينصر جنده (وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً) هلكى.
١٤ ـ (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ) بمقتضى حكمته وعلمه بأنه مستحق وأهل للمغفرة (وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) تماما كما أنه لا يعذب إلا من هو أهل ومستحق للعذاب.
١٥ ـ (سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ) المراد بالمخلفين هنا نفس المنافقين والإعراب الذين تخلفوا عن النبي حين دعاهم إلى الذهاب معه لعمرة الحديبية ، وتعللوا بالأكاذيب ، وسمعوا الآن أن النبي (ص) بريد الخروج غازيا إلى خيبر ، وكان فيها مغانم كثيرة ، فأسرعوا إليه يريدون الخروج معه! رفضوا الحديبية فرارا من الغرم ، وتهافتوا على خيبر طمعا في الغنم ، فأمر سبحانه نبيه أن يرفضهم كما رفضوا الذهاب إلى عمرة الحديبية ، واحدة بواحدة (يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ) وهو حكمه تعالى بأن تكون مغانم خيبر للذين بايعوا النبي في الحديبية وحدهم بلا شريك (قُلْ) يا محمد للمخلفين الذين فروا من المغرم وطلبوا المغنم : (لَنْ تَتَّبِعُونا) إلى خيبر (كَذلِكُمْ قالَ اللهُ مِنْ قَبْلُ) بأن مغانم خيبر لأهل الحديبية دون غيرهم (فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا) كلا ، إن الله لم يحرمنا من المغانم ، ولكن أنتم حرمتمونا إياها حسدا لنا وبغيا (بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلاً) ليس الأمر حسدا من المؤمنين بل جهلا وسوء ظن من المخلفين.
___________________________________
الإعراب : (مَغانِمَ) ممنوع من الصرف لأنه على وزن مفاعل والمصدر من (لِتَأْخُذُوها) متعلق بانطلقتم. و (قَلِيلاً) صفة لمفعول مطلق محذوف أي فقها قليلا. أو يسلمون عطف على تقاتلونهم. (إِذْ) في محل نصب برضي. (وَمَغانِمَ كَثِيرَةً) مفعول لفعل محذوف أي وأثابهم مغانم. و (لِتَكُونَ) عطف على محذوف أي لتشكروا الله ولتكون ، واسم لتكون ضمير مستتر يعود الى هذه.