١٠ ـ (فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى) أوحى سبحانه إلى عبده محمد بواسطة الروح الأمين شيئا مهما ، وقد يكون الشيء الموحى به آية من آي الذكر الحكيم ، وقد يكون غير ذلك ١١ ـ (ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى) رأى محمد جبريل بقلبه وبصره ، فلا العين أخطأت فيما رأت ، ولا القلب شك في رؤية العين.
١٢ ـ (أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى) أتكذبون وتجادلون محمدا أيها المشركون فيما رأت عيناه ، وآمن به قلبه وعقله.
١٣ ـ (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى) أيضا رأى محمد (ص) جبريل في هيئته وخلقته الأصيلة مرة ثانية حين حمل النبي ليلة المعراج ، وطاف به في السموات العلى حتى انتهى إلى الحد الأقصى الذي أشار إليه سبحانه بقوله :
١٤ ـ (عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى) فوقف في هذا المكان ، ولم يتجاوزه إلى غيره لجهة العلو.
١٥ ـ (عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى) وهي جنة الخلد التي جعلها سبحانه ثوابا للمتقين كما في جوامع الجامع.
١٦ ـ (إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى) يوجد عند سدرة المنتهى من آثار قدرته تعالى ما لا يبلغه وصف ، ولا يحده عقل.
١٧ ـ (ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى) ما حاد بصر محمد عن الواقع ، ولا تجاوز عنه.
١٨ ـ (لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى) محمد (ص) ما رأى الله في رحلته هذه التي بلغ فيها سدرة المنتهى ، لأن النواظر لا ترى العلي الأعلى ، ولكن محمدا شاهد من عجائب قدرته تعالى ما يستحيل أن يراه الإنسان أو يعرف عنه شيئا مهما تقدمت العلوم ، وتطورت سفن الفضاء إلا أن يشاء الله.
١٩ ـ ٢٠ ـ (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) هذه أصنام كان العرب يعبدونها من دون الله ، فوبخهم سبحانه على عبادتها وقولهم : الملائكة وهذه الأوثان بنات الله ، ولذا قال سبحانه :
٢١ ـ ٢٢ ـ (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى) ظالمة جائرة ، لا يرتضيها مخلوق من مثله ، فكيف فضلتم العبد على سيده والمخلوق على خالقه؟
٢٣ ـ (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها ...) تقدم في الآية ٧١ من الأعراف (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَ) تدلنا هذه وغيرها من الآيات الناهية عن العمل بالظن. أن القرآن لا يثق إلا بالعلم ، وأن الظن لا يكشف عن الواقع المجهول ، ولا يسوغ بحال أن يكون طريقا إلى المعرفة ، وهذا من أهم الفوارق بين الإسلام وسائر الأديان أبعد هذا يقال بأن الدين كله غيب في غيب؟ وهل يثبت الغيب بالغيب؟ (وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ) عطف على ما قبله أي ولا يتبعون إلا ما تهوى أنفسهم ، يشير سبحانه بهذا إلى ما عليه الكثرة الكاثرة في كل زمان ومكان حتى العديد من رؤساء الأديان ، حيث لا ينجذبون إلى الشيء ويفعلونه لأنه حق وخير ، بل يضفون صفة الحق والخير على الشيء الذي يرتاحون إليه ، ويوافق هوى في نفوسهم ، ومن هذا النوع عبدة الأوثان ، نعتوا الأحجار بالآلهة لا لشيء إلا تعصبا لدين الآباء ، وإلى هذا أشار سبحانه بقوله ٢٤ ـ (أَمْ لِلْإِنْسانِ ما تَمَنَّى) الأمنيات والرغبات لا تغيّر الواقع عما هو عليه ، وفي نهج البلاغة : الأماني تعمي