٢٥ ـ (لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ ...) الواضحات والمعجزات الدالة على صدقهم ، وأيضا أنزل سبحانه عليهم الكتب ، وفيها شرائع الحق والعدل ليدعوا الخلق إليها والعمل بها (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ) فيه بأس شديد إشارة إلى الأسلحة الهجومية الوقائية ، ومنافع للناس إشارة إلى ما يصنعون منه لحاجاتهم ، ويستخدمونه في مصالحهم (وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ) خلق سبحانه الحديد ليميز الطيب الذي يستعمله فيما ينفع الناس كالمصانع والمعامل تنتج الكساء والدواء وأدوات البيت ووسائل المواصلات ـ عن الخبيث الذي يستخدم الحديد في التقتيل والتدمير والتشريد.
٢٦ ـ (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ) وجعل سبحانه من ذريتهما كل الأنبياء ، وأنزل عليهم الكتب يتلونها على الناس ليعملوا بها (فَمِنْهُمْ) أي من الناس الذين أرسلت الرسل إليهم (مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ) وهكذا في كل زمان. تقف الكثرة الكاثرة مع الأعور الدجال ، ينهق ويهرف. والشعب الجاهل يصفّق ويهتف.
٢٧ ـ (ثُمَّ قَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِرُسُلِنا) أرسل سبحانه بعد نوح وإبراهيم كثيرا من الأنبياء الواحد تلو الآخر ، ومنهم هود وصالح وموسى (وَقَفَّيْنا بِعِيسَى) توالت الرسل وتتابعت حتى انتهوا إلى عيسى (ع) ، وأنزل عليه الإنجيل الأصيل (وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً) وهم الذين أطاعوا السيد المسيح (ع) وعملوا بتعاليمه نصا وروحا ، وما حرّفوا حرفا على ما تهوى أنفسهم ، ويومئ إذ ذلك كلمة «اتبعوه» أما رجال محاكم التفتيش ومن على شاكلتهم من الذين يهتفون بالصليب ، ويصلبون وينهبون ـ فالسيد المسيح والعذراء وكل الأنبياء يبرءون منهم (وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها) من عند أنفسهم (ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ) ما أنزل الله بها من سلطان (إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللهِ) الاستثناء منقطع عما قبله والمعنى ولكن النصارى هم الذين ابتدعوها وفعلوها من تلقاء أنفسهم ظنا منهم أنها تقربهم من الله ورضوانه (فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها) أي على الرغم أنهم هم الذين ابتدعوا الرهبانية والتزموا بها فإنهم لم يقوموا بواجبها حيث ساندت الكنيسة الملوك الجبابرة والمترفين المحتكرين ، وأقامت محاكم التفتيش وحرقت آلاف المسيحيين الأبرياء وهم أحياء! (فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ) والمراد بهؤلاء القلة القليلة الذين ثبتوا على دين المسيح ، والتزموا بالمسيحية التي هي محبة وإنسانية لا تعصب وأحقاد ، ولا إثارة فتن وحروب (وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ) وفي طليعتهم الذين يحتلون مركز الصدارة في عالم الجريمة ، ويفجرون الاضطرابات وأعمال العنف في كل بلد يرتفع فيه صوت العدالة والحرية.
٢٨ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) أي نطقوا بكلمة الإيمان
___________________________________
الإعراب : (فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ) مبتدأ وخبر ، والجملة حال من الحديد.