٢٠ ـ (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا ...) دنيا الحلال لا تنفصل عن الدين ، بل هي مطية للآخرة أما دنيا السلب والنهب ، والخداع والنفاق ، والفسوق والفجور ، والكبرياء والخيلاء ، والجشع والطمع ، والحرص والشح ، والجهل والسفه ، أما هذه الدنيا الحرام فهي أعدى أعداء الدين ، وهي التي عناها المعصوم بقوله : «الدنيا والآخرة ضرتان لا تجتمعان» وتقدم في الآية ٣٢ من الأنعام وغيرها (وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ) للجبابرة الطغاة وغيرهم من العصاة (وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرِضْوانٌ) للذين جاهدوا الظلم والطغيان ، وعملوا لمصلحة الإنسان وشريعة القرآن.
٢١ ـ (سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) أي إلى سبب المغفرة كالتوبة والأعمال الصالحة (وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) يريد سبحانه بهذا العرض عظمتها لا تقدير مساحتها.
٢٢ ـ (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها) أي من قبل أن توجد ، والمراد بالكتاب هنا علمه تعالى ، وأنه يعلم بالشرور والمصائب وأين ومتى وكيف تقع سواء أكان حدوثها بأسباب طبيعية كالطوفان والزلزال أم بأسباب اجتماعية كالحروب والمظالم والشرك والفسق ، وعلمه تعالى بأن هذا العبد سيختار الشرك ـ مثلا ـ لا يجعله مسيّرا غير مخيّر ، لأن علمه هذا حكاية عن المعلوم تماما كعلمنا بأن فلانا سيختار هذا الكتاب دون ذاك وتقدم في الآية ٤١ من الروم : (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ).
٢٣ ـ (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ) قيل لبزرجمهر : مالك أيها الحكيم لا تأسف على ما فات ولا تفرح بما هو آت؟ فقال : ان الفائت لا يتلافى بالعبرة والآتي لا يستدام بالحبرة. وقال آخر : ما كنت قائلا لشيء كان : ليته لم يكن أو لشيء لم يكن ليته كان (وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ) ما تكبر أحد وافتخر إلا لأنه يرى الناس صغارا! وهذا يترك وشأنه لأنه يحطم نفسه بنفسه.
٢٤ ـ (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ) الذين يبخلون بدل من كل مختال فخور ، والمعنى من دأب كل مختال فخور أن يفعل المنكر ، ويحض الناس على فعله ، وتقدم في الآية ٣٧ من النساء.
___________________________________
الإعراب : (كَمَثَلِ) الكاف زائدة اعرابا ومثل صفة للدنيا أو خبر بعد خبر. و (فِي كِتابٍ) متعلق بمحذوف خبرا لمبتدأ ، محذوف أي الا هي كائنة أو مكتوبة في كتاب. (لِكَيْلا تَأْسَوْا) كي ناصبة للفعل واللام جارة والمجرور بها متعلق بما تعلق به في كتاب. (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ) بدل من كل مختال فخور.