الدين سلما للدنيا واتخذنا الدنيا سلّما للدين (وَغَرَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ) وهو الشيطان الذي اصطادهم بأحابيله ، وتحكم في عقولهم وقلوبهم.
١٥ ـ (فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ) لا يفتدى أسير جهنم بشيء منافقا كان أو كافرا (مَأْواكُمُ النَّارُ) أنتم لها وقود وهي لكم دار وقرار.
١٦ ـ (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ) هذه الآية تستنهض المؤمنين الكسالى الذين يقفون على الحياد من كل صراع ونزاع بين العدل والجور والحق والباطل ، وتقول لهم : ألم يأت ويحين الوقت الذي تغضبون فيه لله والحق؟ (وَلا يَكُونُوا) المسلمون (كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ ...) حرّف اليهود التوراة بعد موسى ، وحرّف النصارى الإنجيل بعد عيسى ، وجعلوا التحليل والتحريم بإرادتهم لا بإرادة الله كيلا يكون كتابه حجّة عليهم ، أما المسلمون فقد صانوا آيات القرآن من التحريف وأبقوه كما نزل على محمد (ص) ولكنهم لم يعملوا بموجبه ، كما قال الرسول الأعظم : (ص) سيأتي على أمتي زمان لا يبقى من الإسلام إلا اسمه ومن القرآن إلا رسمه ، وفي حديث ثان إلّا درسه. وعليه فالنتيجة واحدة من حيث الجرأة على دين الله والخروج من طاعته ، والفرق أن المسلمين أساءوا إلى الدين مع الاحتفاظ بألقابه.
١٧ ـ (اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) وكذلك البعث والنشور ، وتقدم في الآية ٣٩ من فصلت وغيرها.
١٨ ـ (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ) بتشديد الصاد ، من الصدقة لا من الصدق (وَأَقْرَضُوا اللهَ) فعل ماض لا فعل أمر (يُضاعَفُ لَهُمُ) الجملة خبر انّ ، والمعنى أن الله يضاعف أجر من أنفق وتصدق ، وتقدم مرات ، آخرها الآية ١١ من هذه السورة.
١٩ ـ (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ) هنا تنتهي الجملة ، وما بعدها كلام مستأنف ، ومعناها أن المؤمنين حقا وواقعا هم الصدّيقون الذين يصدقون القول بالعمل والإيمان بفعل الخير وترك الشر ، ومعنى هذا أن العمل جزء متمم للإيمان ولا إيمان بلا عمل (وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ) العظيم على استشهادهم في سبيل الله ، وأيضا يتولد من هذا الاستشهاد نور يهتدون به إلى الجنة (وَالَّذِينَ كَفَرُوا) على العكس من المؤمنين والشهداء والصديقين ، مأواهم جهنم وبئس المهاد.
___________________________________
الإعراب : (بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ) مبتدأ وخبر لأنه بمعنى الذي تبشرون به اليوم جنات مثل طعامك اليوم كذا. و (يَوْمَ يَقُولُ) بدل من يوم ترى لأن المراد باليومين واحد وهو يوم القيامة. و (نَقْتَبِسْ) مجزوم بجواب الأمر وهو انظرونا. المصدر من (أَنْ تَخْشَعَ) فاعل يأن على حذف مضاف أي ألم يأن وقت الخشوع. و (ما نَزَلَ) عطف على ذكر الله. و (كَالَّذِينَ) الكاف بمعنى مثل خبرا ليكونوا. وجملة يضاعف خبر ان المصدقين. و (الَّذِينَ آمَنُوا) مبتدأ و (أُولئِكَ) مبتدأ ثان و «هم» ضمير فصل والصديقون خبر المبتدأ الثاني والجملة خبر الأول.