المطلق (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) القاهر المتصرف بالحكمة.
٢ ـ (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ) المراد بالأميين هنا العرب ، لأن الكثرة الكاثرة منهم كانوا يجهلوا القراءة والكتابة ، وكان محمد (ص) من هذه الكثرة رجلا أميا ، ومع ذلك ما زالت رسالته تلتقي مع الحياة وتقدمها في كل زمان ومكان (يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ) يطهّر نفوسهم من الرذائل ، وعقولهم من الجهل ، وأعمالهم من الجرائم (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ) الذي يخاطب العقل ، ويحترم العلم ، ويقدس الإنسان ، وينبذ التقليد (وَالْحِكْمَةَ) من الإحكام بوضع الشيء في موضعه ، وهي بهذا التعريف تقتضي العلم بما ينبغي فعله أو تركه في الزمان والمكان المناسب ، وهذه الآية تحدد رسالة محمد (ص) والإسلام معا لأنهما شيء واحد ، وتفسر الدين بالحق بأنه لخير الإنسان وهدايته إلى ما يبحث عنه ويتطلع إليه من مستوى أصلح لحياته وأنفع ، ومثل هذه الآية قوله تعالى : (يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ) ١٥٧ الأعراف».
٣ ـ (وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ) هناك أناس غير العرب الأميين سيأتون مع الزمن والأجيال ، ويؤمنون بمحمد (ص) ورسالته لأن رسالته ليست عربية وكفى بل هي إنسانية وعالمية.
٤ ـ (ذلِكَ فَضْلُ اللهِ) إشارة إلى رسالة محمد (ص) وأنها نعمة عظمى من الله على عباده.
٥ ـ (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً) الغاية من العلم العمل بموجبه ، ولا فرق بين من تعلم ولم يعمل وبين الحمار يحمل الكتب على ظهره ، هذا لا ينتفع بما يحمل ، وذاك لا يعمل بما تعلّم ، وضرب سبحانه هذا المثل لليهود في أخذهم التوراة وعدم العمل بموجبها ومثلهم المسلمون أيضا لأنهم (اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً) ـ ٣٠ الفرقان» وعين الشيء المسيحيون والإنجيل (بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ) وهم اليهود كذبوا محمدا (ص) والتوراة وغيرها من الدلائل تنطق بنبوته.
٦ ـ (قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ) وشعبه المختار من دون العالمين ، وأن الجنة لكم وحدكم ، فاسألوا الله سبحانه أن يقبض إليه أرواحكم وينقلكم من دنيا الهوان إلى فردوس الجنان.
٧ ـ (وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) أي لعلمهم أنهم أعداء الحق وأشقى من شر الخلق.
٨ ـ (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ) نازل بكم لا محالة (ثُمَّ تُرَدُّونَ) إلى الله ، وتقفون بين يديه لنقاش
___________________________________
الإعراب : (مَثَلُ) فاعل بئس. و (الَّذِينَ كَذَّبُوا) صفة للقوم ، والمخصوص بالذم محذوف أي بئس مثل القوم الذين كذبوا مثلهم. وجملة فإنه ملاقيكم خبر ان الموت.