١٤ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ) قال أهل التفاسير : إن قوما من مكة أسلموا ، وأرادوا الهجرة إلى رسول الله (ص) فمنعهم أزواجهم وأولادهم فنزلت هذه الآية تحذّر من طاعة الأزواج والأولاد. ويلاحظ بأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق سواء أكان المخلوق رحما أم غير رحم ، وأيضا لا بأس بالطاعة في غير معصية لأي كان ويكون ، وعلى أية حال فالذي نفهمه من الآية أن على المؤمن أن يكون قويا في دينه لا يتنازل عنه مهما كانت المغريات والشفاعات (وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أجل ، على رب الأسرة أن يرفق بها ، ويتسامح معها فيما يعود إلى حقوقه الخاصة ، لا إلى حق الله وطاعته.
١٥ ـ (إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) أي بلاء واختبار وفسر الإمام أمير المؤمنين هذه الآية بقوله : «ومعنى ذلك أنه يختبرهم بالأموال والأولاد ليتبين الساخط لرزقه والراضي بقسمه ، وإن كان سبحانه أعلم بهم من أنفسهم ، ولكن لتظهر الأفعال التي بها يستحق الثواب والعقاب.
١٦ ـ (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) استدل بعض الفقهاء بهذه الآية على أن فاقد الطهورين يصلي بلا وضوء وتيمم تماما كمن فقد الساتر يصلي عاريا ، وإذا ترك وجب عليه القضاء ، وفي رأينا أن الصلاة تسقط عنه أداء وقضاء لأن المشروط عدم عند عدم شرطه ، وإنما وجبت الصلاة على العاري بالنص ، ولا نص في فاقد الطهورين ، فالأصل محكم ولا حاكم عليه. ومعنى الآية : على المرء أن يتقى معاصي الله بمقدار جهده فإذا تضرر من الامتثال سقط التكليف ، شريطة أن تقدر الضرورة بقدرها كأكل الجائع من الميتة والتصرف بمال الغير بلا إذن منه لإنقاذ غريق أو إطفاء حريق (وَاسْمَعُوا) تفقهوا في الدين (وَأَطِيعُوا) اعملوا بما تعلمون (وَأَنْفِقُوا) المال والعلم ، وبالاختصار تعلّموا وعلّموا واعملوا ، ومن أهم الأعمال بذل الفضل من المال في الخير والصالح العام (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ ...) إمساكها وحرصها ، وتقدم بالحرف الواحد في الآية ٩ من الحشر.
١٧ ـ ١٨ ـ (إِنْ تُقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ) تكرر هذا في العديد من الآيات ، والهدف الأول والأخير هو تأكيد الحجة والمسئولية على أرباب المال ، وأنهم شركاء في كل جريمة سببها الفقر والعوز.
___________________________________
الإعراب : (مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ) «من» للتبعيض. (مَا اسْتَطَعْتُمْ) «ما» مصدرية ظرفية أي مدة استطاعتكم و (خَيْراً) خبر يكن مقدرة أي أنفقوا يكن الإنفاق خيرا ، أو نعت لمصدر محذوف أي إنفاقا خيرا.