الآية ٧٠ من التوبة (فَقالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا) أنكروا أن يكون الرسول بشرا ، ولم ينكروا أن يكون الإله حجرا!.
٧ ـ (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا) ولا أساس لهذا الزعم إلّا الجهل بالجهل (قُلْ) يا محمد : (بَلى وَرَبِّي) هذا القسم تأكيد من النبي لصدقه في دعوته ، أما الدليل على البعث فهو (وَذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) لأن من أنشأ الخلق من لا شيء يهون عليه أن يجمع عظامه وأعضاءه بعد فتاتها وتقدم مرات ومرات.
٨ ـ (فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا) القرآن والإسلام نور ، لأنه لا يرى مخلوقا أشرف من العقل ، ولا أنفع من العلم ، ولا أقدس وأكرم من الإنسان حتى ولو كان بلا عقل وعلم ، وإن جمع بينهما وعمل بهما فلا شيء فوقه إطلاقا إلا خالقه وخالق كل شيء.
٩ ـ (يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ) سمي يوم القيامة بيوم الجمع حيث يجمع سبحانه الخلائق للحساب والجزاء ، وبيوم التغابن ، لأن الطيب الصالح هو الغابن الرابح والخبيث الفاجر هو المغبون الخاسر ، ذلك بأن الأول جاهد نفسه وكبحها عن الشهوات أياما أو ساعات وفاز بنعيم الأبد وإلى هذا أشار سبحانه بقوله : (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ). والثاني أطلق العنان لشهواته بعض الحين ، ومنها إلى الخلود في العذاب الأليم ، كما قال عزّ من قائل :
١٠ ـ (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ خالِدِينَ فِيها وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) وتقدم عشرات المرات.
١١ ـ ١٣ ـ (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) المصيبة الكونية كالزلزال هي من الله ، والمصيبة الاجتماعية كالفساد في الأرض هي من الإنسان بنص الآية ٣٠ الشورى : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) وتقدم في الآية ٢٢ من الحديد وغيرها (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) يعامل سبحانه العبد بما يختاره لنفسه ، فهو مع السالك سبيل الرشاد ، وعلى من سلك طريق الفساد ، وتكرر ذلك مرات ، آخرها في الآية ٥ من الصف.
___________________________________
الإعراب : (أَنْ) مخففة من الثقلية واسمها محذوف أي انهم لن يبعثوا ، والمصدر ساد مسدّ مفعولي زعم. وإذا وقعت «بلى» بعد النفي تبطله ، ويكون ما بعدها مثبتا. يوم يجمعكم «يوم» ظرف متعلق بينبؤون ، ويجوز أن يكون مفعولا لفعل مقدر أي اذكروا يوم يجمعكم. وصالحا صفة لمقدر أي عملا صالحا. وخالدين حال. وأبدا ظرف مؤكد للخالدين ومتعلق به. وبئس المصير المخصوص بالذم محذوف أي مصيرهم. ما أصاب من مصيبة «ما» نافية و «من» زائدة.