يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) كان النبي (ص) يتلو هذه الآية مكررا ومرددا ويقول : «لو أن الناس كلهم أخذوا بها لكفتهم» وقال الإمام أمير المؤمنين (ع) : «لو أن السموات والأرض كانتا على عبد رتقا ـ سدا ـ ثم اتقى الله لجعل الله له منهما مخرجا» أبدا لا خوف على من يتقي الله في معاصيه حتى ولو أطبق عليه الكون بما فيه ومن فيه ، وأيضا هو لا يخاف ما دام على يقين بأن الله لا يعجزه شيء ، وفي الحديث : والله الذي لا إله إلا هو ما أعطي مؤمن قط خير الدنيا والآخرة إلا بحسن ظنه بالله ورجائه له.
٣ ـ (وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) لا يخطر له على بال وأيضا قد يذهب من غير احتساب ، وما من حقير أو خطير يقع في الكون إلا ولله فيه قضاء وتدبير (إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ) ما شاء كان ، وما لم يشأ لم يكن (قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) تصميما وتوقيتا ، فلا صدفة وشهوة ، ولا عبث وباطل (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ) إذا انقطع الدم عن المرأة ، ولا نعلم السبب الموجب لذلك : هل هو الكبر والتقدم في السن أو عارض صحي وما أشبه ـ فتعتد هذه بثلاثة أشهر إذا طلقت ، وعليه يكون معنى (إِنِ ارْتَبْتُمْ) إن شككتم في وضعها لا في حكم عدتها فقط.
٤ ـ ٥ ـ (وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) من الشابات اللاتي نعلم ولا نشك إطلاقا في عدم يأسهن ، ولكن ما رأينا الدم ، فأيضا عدتهن ثلاثة أشهر كالمشكوك في يأسهن ، والتفصيل في كتب الفقه (وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ) اتفق الشيعة والسنة على أن عدة المطلقة الحامل وضع الحمل ، واختلفوا في الأرملة الحامل. قال السنة : هي تماما كالمطلقة وقال الشيعة : بل تعتد بأبعد الأجلين من وضع الحمل والأربعة أشهر وعشرة أيام ، وتقدم في الآية ٢٣٤ من البقرة.
٦ ـ (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ) بضم الواو وسكون الجيم ، والمراد به الطاقة والسعة في المال ، وتأمر هذه الآية المطلّق أن يحسن معاملة المطلقة الرجعية معاشرة وإنفاقا من المسكن والمأكل والملبس تبعا لطاقته المادية (وَلا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَ) لا تسيئوا معاملة المطلقة لتلجئوها إلى ترك المسكن والخروج منه قبل مضي العدة (وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ) إذا طلّقها وهي حامل وجبت لها النفقة حتى تضع حملها سواء أكان الطلاق رجعيا أم بائنا (فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) إذا وضعت الحامل وليدها فلا تجبر على إرضاعه إلا إذا انحصر بها ، فإن أرضعته استحقت أجر مثلها سواء أكانت في عصمة والد الرضيع أم لم تكن (وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ) يأمر سبحانه الآباء والأمهات أن تكون كلمتهم وأمورهم واحدة في مصلحة الطفل ، ولا يتخذوا منه وسيلة لأي شيء يضر به (وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى) إذا طلبت الأم على الرضاع أكثر من أجرة المثل ـ فللأب أن يسترضع غيرها.