عند الحق وأهله (وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) لأنهم كانوا في الحياة الدنيا نورا يهتدى به في الظلمات ، وتقدم في الآية ١٢ من الحديد.
٩ ـ (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) قانون تنازع الوجود والبقاء بين المحقين والمبطلين والهداة والطغاة ـ حتم بحكم الطبيعة والبديهة تماما كقتال المتحاربين ، كلّ يريد القضاء على الآخر ، قال سبحانه مخبرا نبيه الكريم عن عتاة الشرك والجور : «كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبون فيكم إلا ولا ذمة ـ ٨ التوبة» أي عهدا ولاحقا ، وعلى هذا الأساس أمر سبحانه المسلمين بجهاد الكفار والمنافقين ، على أنه ، تقدست كلمته ، قال في الآية السابقة من التوبة (فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ) ـ ٧ التوبة».
١٠ ـ (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ) ضرب سبحانه مثلين ، يتعظ بهما كل عاقل : الأول امرأة نوح وامرأة لوط ، كفرت كل واحدة من هاتين بزوجها ونبوته ، وكانت الأولى تنعته بالجنون والثانية تدل الكفرة والفجرة على أضيافه ليفجروا بهم ، وهذي خيانتهما هي التي أشار إليها سبحانه بقوله : (فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللهِ شَيْئاً) أخذهما سبحانه بأشد العذاب ، وما دفع الزواج بالطهر والقداسة عنهما شرا ولا جلب لهما خيرا. أما المثل الثاني فأشار إليه سبحانه بقوله :
١١ ـ (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ) هي آسية بنت مزاحم ، آمنت بالله وكفرت بزوجها فرعون ، فهددها بالقتل فآثرت جوار الله في بيت من صنع الله ، فاستجاب لها ورحب بها ، وأعدّ لها أجرا كريما ، فما ضرها ان كانت زوجة أعتى أهل الأرض ، وما نفع امرأة نوح أو لوط انها زوجة خير الناس.
١٢ ـ (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها) كناية عن طهرها ونزاهتها مما رماها به اليهود من البغاء والفجور (فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا) المراد بالنفخ هنا من روحه تعالى أنه منح الحياة للسيد المسيح تماما كما منحها لآدم : (فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) ـ ٢٩ الحجر» وفي إنجيل متى الإصحاح الأول : أن مريم كانت مخطوبة ليوسف النجار ، ولكنها ظلت عذراء حتى بعد ولادة يسوع.
___________________________________
الإعراب : (ضَرَبَ) بمعنى جعل ، و (امْرَأَتَ نُوحٍ) مفعول أول مؤخر ، و (مَثَلاً) مفعول ثان مقدم. و (صالِحَيْنِ) صفة لعبدين. و (شَيْئاً) مفعول مطلق ليغنيا. و (مَرْيَمَ) عطف على امرأة فرعون. و (الْقانِتِينَ) جمع للذكور والإناث تغليبا للذكورية على التأنيث.