٥ ـ ٦ ـ (أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى) أتطمع في العتاة القساة أن يسمعوا منك أو يعقلوا قولك ويؤمنوا بك وهم كالأنعام بل أضل سبيلا.؟
٧ ـ (وَما عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى) لا بأس عليك ولا على الإسلام ممن ركب الجهل والضلال ، وقاده إلى الهلاك والوبال.
٨ ـ ١٠ ـ (وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى وَهُوَ يَخْشى فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى) أقبلت على المشركين الأقوياء طمعا في هدايتهم ، وأوكلت المؤمن إلى إيمانه ، فدع الطغاة فإن الله لهم بالمرصاد ، وأقبل على من فتح للهدى قلبه ، والله ينصر دينه بالقلة الهداة على الكثرة الطغاة ، وفي الخطبة ١٤٤ من خطب نهج البلاغة : «إن هذا الأمر ـ يريد الإسلام ـ لم يكن نصره ولا خذلانه بكثرة ولا بقلّة ، وهو دين الله الذي أظهره ، وجنده الذي أعده وأمده حتى بلغ ما بلغ».
١١ ـ ١٢ ـ (كَلَّا إِنَّها تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ) المراد بالتذكرة هنا أن الله لا ينصر الحق بمن يقول : أنا أكثر عدة وعددا ، بل بالمؤمنين المخلصين الذين تزدريهم الطغاة العتاة.
١٣ ـ (فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ) هذه التذكرة التي بيّناها لك يا محمد ولكل الناس ، مسجلة في الكتب الإلهية.
١٤ ـ (مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ) عالية بتعاليمها النافعة ، طاهرة من الجهالة والضلالة.
١٥ ـ (بِأَيْدِي سَفَرَةٍ) جمع سافر ، وهو الذي يسعى بين الناس لإصلاح ذات البين.
١٦ ـ (كِرامٍ بَرَرَةٍ) جمع بار ، وهو صانع البر والخير ١٧ ـ (قُتِلَ الْإِنْسانُ) هذه كلمة دعاء وإنشاء في صورة الفعل الماضي ، ومعناها أهلكه الله وعذبه لأنه لا يستحق الحياة (ما أَكْفَرَهُ) ما أشد عناده للحق وتمرده عليه ، وتدل هذه الآية بظاهرها أن الإنسان شرير أو مخطئ بطبعه ، وهذا ما تقوله التعاليم المسيحية ، أما القرآن الكريم فلا يصف الإنسان من حيث هو بخير ولا بشر ، وإنما يقيسه بما يترك من عمل وأثر كما في العديد من الآيات ، ومنها على سبيل المثال : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) ـ ٣٩ ـ النجم ... (كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ) ـ ٢١ الطور» وعليه فالمراد من الإنسان في (قُتِلَ الْإِنْسانُ) من ضل سواء السبيل بعمله وسوء اختياره ، وأيضا (ما أَكْفَرَهُ) توحي بذلك ، إضافة إلى قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ) ـ ٢ التغابن» ١٨ ـ ١٩ ـ (مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ؟ مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ) من أنت أيها الإنسان الضعيف حتى تنساق مع العناد والغرور ، وتحاول القفز وراء الحدود والمقاييس؟
٢٠ ـ (ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ) إن الله سبحانه زود الإنسان بالقدرة والعقل للبناء لا للهدم ، ولإصلاح الحياة لا للفساد في الأرض ٢١ ـ ٢٢ ـ (ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ) الحياة الدنيا قصيرة الأمد ، وكلها مصائب وآلام ، وما بعدها أدهى وأمر ، ولا نجاة لأحد إطلاقا إلا لمن ملك نفسه وكفها عن الحرام ٢٣ ـ (كَلَّا لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ) أمر سبحانه بالخير ، ونهى عن الشر ، فأبى أكثر الناس إلا الشهوات والأهواء ، وهنا يكمن شقاء الإنسانية وبلاؤها ٢٤ ـ (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ) ويسأل عقله من الذي يسّر هذا الطعام؟ الطبيعة وقوانينها؟ والطبيعة ومن طبّعها؟ كما قال شوقي ٢٥ ـ ٢٧ ـ (أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا) الله سبحانه هو الذي أنزل الماء من السماء ، وشق الأرض بالحرث وغيره ، وأنبت الزرع وخلق الحب ، لأنه مصدر الوجود وسبب الأسباب