٣ ـ (وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ) تعددت الأقوال وتضاربت في معنى الشاهد والمشهود هنا حتى بلغت ٤٨ قولا كما في بعض التفاسير ، ولكن إذا رجعنا إلى القرآن الذي ينطق بعضه ببعض ـ علمنا بأن المراد بالشاهد الله سبحانه وبالمشهود عليه كل شيء لقوله في العديد من الآيات : (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) ـ ١٧ الحج».
٤ ـ (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ) هذا في ظاهره جواب للقسم ، وفي واقعه دليل على جواب القسم المحذوف ، والتقدير لعن الذين عذبوا الصحابة كبلال وخباب وعمار كما لعن أصحاب الأخدود وهو شق يحفر في الأرض كالخندق ، وأشار سبحانه إلى قصة أصحابه بإيجاز في قوله :
٥ ـ ٩ ـ (النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ) كان فيما مضى قوم طغاة كفرة حفروا خندقا وأضرموه نارا وجاءوا بالمؤمنين ، فمن ارتد عن دينه إلى الشرك تركوه ، ومن أصر على إيمانه أحرقوه ، وهم قاعدون حول الخندق يتلذذون بمشاهدة الأجسام تحترق ، ولا ذنب إطلاقا إلا الإيمان بالله ، وهذا بالذات ما فعله طغاة مكة بالمؤمنين المستضعفين.
١٠ ـ (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ) بعد أن أشار سبحانه إلى أهل الأخدود الجبابرة ذكر موقف قريش من ضعاف الصحابة وكيف كانوا يفتنونهم عن دينهم ويذيقونهم العذاب الوبيل ، وقد هددهم سبحانه بحريق جهنم إذا لم يتوبوا ويرتدعوا.
١١ ـ (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ ...) عند ربهم أنهار وجنات ، وتقدم مرات ومرات حيث يقرن سبحانه الهول المفزع للمجرمين بالأمن والأمان للمتقين ، وعذاب الجحيم بثواب النعيم.
١٢ ـ (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ) البطش : الأخذ بعنف ، فكيف إذا كان شديدا : ومن جبار السموات والأرض؟
١٣ ـ (إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ) يحيي ويميت ويبعث الموتى من جديد.
١٤ ـ (وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ) يحب الخير لجميع الخلق بلا استثناء.
١٥ ـ (ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ) الجليل في أفعاله الجزيل في نواله.
١٦ ـ (فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن.
١٧ ـ ١٨ ـ (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ) قوم صالح والكلام مستأنف ، والمعنى واضح وخلاصته قد سمعت يا محمد حديث الطغاة ومصيرهم ، كذبوا بالحق ، فأخذهم ربك أخذ عزيز مقتدر ، فكذلك يفعل بمن كذب رسالتك متى يشاء.