١٧ ـ ١٨ ـ (كَلَّا) ليست الكرامة عند الله بالمال بل بالتقوى وصالح الأعمال ، ولا الإهانة بالفقر ، بل بالفساد والضلال ، بمعصية الله الذي خلق ما في الأرض للناس جميعا بفساد الأوضاع التي ما أنزل الله بها من سلطان ، بجوز الأقوياء الذين احتكروا واستأثروا وحرموا المساكين والضعفاء. وإلى هذا المعنى بالذات أشار سبحانه بقوله : (بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ وَلا تَحَاضُّونَ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ) بل يغدرون بالأرامل والأيتام والمشردين والمساكين ، وينتهبون أموالهم ظلما وعدوانا.
١٩ ـ (وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلاً لَمًّا) اي أكلا شديدا ، والمراد بالتراث هنا ميراث الأيتام والضعفاء بقرينة السياق ، وكل من لا يخشى الله والحق يأكل أموال الضعفاء والمساكين إذا لم يكن لهم عم ولا خال.
٢٠ ـ (وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا) ميراثا كان أم غير ميراث ، والجم معناه الكثير ، وقلنا مرات : لا بأس بحب المال الحلال ، والغنى عن الناس ضمان للكرامة ، والمؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف ... ونعم المال الصالح للرجل الصالح ، كما قال الرسول الأعظم (ص).
٢١ ـ (كَلَّا) لا ينبغي للإنسان أن يشح بالمال في سبيل الخير ، فإنه مسؤول عن ذلك (إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا) الدك : الهدم ، والتكرار إشارة للتتابع أي دكا بعد دك ، والمعنى إذا قامت القيامة.
٢٢ ـ (وَجاءَ رَبُّكَ) أمره وقضاؤه (وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) أي صفوفا متعددة.
٢٣ ـ (وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ) يكشف عنها يوم القيامة لكل ناظر (يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ) تذهب الغفلة ، وتأتي اليقظة (وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى) تذكّر خطأه وتقصيره ، ولكن بعد فوات الأوان.
٢٤ ـ (يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي) عملا أنتفع به عند الحساب والجزاء ، وأجهل الناس من لا يحس بذنبه إلا عند العقوبة ، وأشد سفها منه من أحسن بالذنب ، ولم يندم ويبادر إلى التوبة ، وكل من ذا وذاك.
٢٥ ـ (فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ) كناية عن أليم العذاب وشدته ، وأنه لا عذاب يضاهيه ويماثله.
٢٦ ـ (وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ) الوثاق : ما يشد به من قيد أو حبل أو سلسلة ، وفي الآية ٤ من الإنسان : (إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَلاسِلَ وَأَغْلالاً وَسَعِيراً).
٢٧ ـ (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ) وهي التي آمنت بالله وجنته ، وعملت بشريعته وطاعته.
٢٨ ـ (ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ) أي إلى ثوابه ، وكرامته وإلا فإن الله أقرب إلينا من حبل الوريد (راضِيَةً) عن عملها في الدنيا وبأجرها في الآخرة (مَرْضِيَّةً) عند الله لصلاحها وتقواها.
٢٩ ـ (فَادْخُلِي فِي عِبادِي) في جملة من فازوا بجنات النعيم.