(وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي) بأشد أنواع التنكيل (وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا) لا لشيء إلا دفاعا عن الحق والنفس (لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ ...) أبدا لا أمن وأمان من عذاب الله ، ولا حظ لأحد من ثوابه إلا لمن جاهد وضحى ، وصبر واتقى ، وثبت على الحق حتى ولو قطع عضوا عضوا ، أولئك لهم عند الله المقام الأسمى والدرجات العلى.
١٩٦ ـ (لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ) أي تحكموا بأهلها ، ونهبوا الأقوات والأرزاق.
١٩٧ ـ (مَتاعٌ قَلِيلٌ) أي ذاك التحكم والظلم يتطعمه الطغاة قليلا ، ثم يلفظونه جملة (ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ) ومعنى الآية بمجموعها : قد يظن الظان أن الدنيا «للأقذر الأقذر» الذي يملك السلاح الأكثر فتكا وتدميرا!؟ كلا ، فإن وراء قوى الشر قوة عليا تراقب وتحاسب لا تغفل ولا تغلب ، وتدمر كل باغية وطاغية.
١٩٨ ـ (لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها) ومن يعاقب المجرمين يثيب المتقين ، ما في ذلك ريب (نُزُلاً) حال من جنات ، لأن النزل والنزول ما يهيأ للنازل من طعام وشراب وما أشبه.
١٩٩ ـ (وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ) القرآن (وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ) توراة موسى وإنجيل عيسى (خاشِعِينَ لِلَّهِ) وللحق فهو ضالتهم وبغيتهم أينما وجدوه اعتنقوه (لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً) لا يحرفون الحق أو يخفونه طمعا بالحطام الزائل.
٢٠٠ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا) على جهاد العدو وقتاله (وَصابِرُوا) اغلبوا العدو في تحمل الشدائد (وَرابِطُوا) وأعدوا له ما استطعتم من قوة (وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) اتقوا الله في المحافظة على الجهاد ، فلا فلاح بل لا وجود لكم إلا به ، فهو طريق الحياة وباب الحرية والكرامة.
____________________________________
الإعراب : (مَتاعٌ) خبر مبتدأ محذوف ، أي ذلك التقلب متاع قليل ، و (خالِدِينَ) حال من الضمير في لهم ، ونزلا حال من جنات ، أو مفعول مطلق ، أي أنزلوها نزلا. (خاشِعِينَ) حال من الضمير في يؤمن ، لأنه يعود الى من ، وهي بمعنى الجمع. وجملة لا يشترون حال أيضا. (عِنْدَ رَبِّهِمْ) حال من الضمير في لهم ، ويجوز أن تتعلق عند بأجرهم.