١٩٠ ـ (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ ...) تقدم في الآية ١٦٤ من سورة البقرة. ويتلخص المعنى بأنه لا بناء من غير بان.
١٩١ ـ (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ) ليس المراد بالذكر مجرد التسبيح والتهليل بل الانقياد للحق لا للباطل ، ولا بالقيام والقعود مجرد الركوع والسجود بل العمل الصالح ، أما المراد ب (عَلى جُنُوبِهِمْ) فهو أن المؤمنين المخلصين حقا حين يستلقون في الفراش ، يفكرون في فعل ما هو الأفضل عند الله والأنفع لخدمة عباده وعياله (وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) وما فيهما من صنع منظم وتدبير محكم ، ويقولون قول العاقل العالم بمعجزة الوجود : (رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً) ذلك ظن الذين كفروا بالله وقدرته وبالإنسان وقيمه وبالعقل وأحكامه.
١٩٢ ـ (رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ) ونحن نستجير بك ونفر إليك من هذا العذاب والخزي.
١٩٣ ـ ١٩٤ ـ (رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ) بالحق والعدل والمساواة بين الخلق (أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا) وهذا هو شأن من طلب الحق لوجه الحق ، يفتح قلبه لدعوته أيا كان الهادي والمنادي (رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ...) سألوا الله سبحانه العفو والمغفرة ، والتكفير عن السيئات والرضا عنهم عند الوفاة ، ومرضاة الله سبحانه عند الموت هي الأمنية الكبرى للأبرار والأخيار.
١٩٥ ـ (فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ) ولما ذا استجاب؟ وإليك الجواب : (أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى) فالعبرة عند الله بالأعمال لا بالمال والرجال ، وبالإخلاص لا بهتاف الناس (بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) الذكر ابن الأنثى ، والأنثى بنت الذكر ، والتماثل في المصدر يستدعي التماثل في الحكم والأثر (فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ) بيتك حجره عظمك ، وطينه لحمك. وماؤه دمك ، وفيه نفسك وطعامك وشرابك وزوجك وابناؤك ، تطرد منه على غفلة ، وتصبح في الفضاء أنت والنساء والأبناء ... ربي كما خلقتني! فهل من ظلم أفحش وعدوان أفظع من هذا؟.
____________________________________
الإعراب : (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ) بدل من أولي الألباب. وقياما وقعودا حال. (وَعَلى جُنُوبِهِمْ) في محل نصب على الحال أيضا ، أي ومضطجعين. و (باطِلاً) حال من هذا ، ويجوز أن يكون صفة لمفعول مطلق محذوف ، أي ما خلقت هذا خلقا باطلا. (أَنْ آمِنُوا) ان بمعنى أي مفسرة لما قبلها ، مثل كتبت اليه ان افعل كذا ، أي افعل كذا. وتحسن الاشارة إلى انه جاء في القرآن الكريم (إِنَّنا) بالنونات الثلاث ، كما في الآية (رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا). وجاء فيه أيضا انا بحذف احدى النونين من أن ، مثل قوله تعالى : (إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ) ١٠٤ الأنبياء». وعليه يصح ان نقول ونكتب : انّا وانّنا.