القاعدة لا المعنيين السابقين.
وإذ قد عرفت ذلك فلنرجع الى ذكر أدلتها الأربعة :
الأول ـ الكتاب
واستدل له من الكتاب العزيز بآيات منها قوله تعالى مخاطبا لبني إسرائيل : (لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ)(١) والاستدلال به يتوقف على أمرين : «أحدهما» كون القول هنا بمعنى الاعتقاد و «الثاني» كون الاعتقاد كناية عن ترتيب آثاره ؛ نظرا الى ما قد قيل من انه ليس امرا مقدورا قابلا للخطاب الشرعي ، فالأمر بالقول الحسن في حق الناس يؤول الى الأمر بترتيب آثار الحسن على أفعالهم.
وكلاهما محل تأمل وإشكال : اما الأول فلان حمل القول على هذا المعنى مضافا الى انه لا شاهد له في المقام ، مخالف لما يظهر من غير واحد من الاخبار الواردة في تفسير الآية : منها ـ ما عن تفسير العسكري عليهالسلام ان معناه : «عاملوهم بخلق جميل» ويظهر من هذه الرواية ان القول الحسن كناية عن المعاشرة بالمعروف ومنها ـ ما عن جابر عن ابى جعفر عليهالسلام في قول الله عزوجل (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) قال قولوا للناس أحسن ما تحبون أن يقال لكم فان الله يبغض اللعان الساب ، الحديث ومنها ـ ما عن عبد الله بن سنان عن ابى عبد الله عليهالسلام قال سمعته يقول ـ الى ان قال ـ وقولوا للناس حسنا قال عودوا مرضاهم واشهدوا جنائزهم وصلوا معهم في مساجدهم الحديث ، وهذا الحديث أيضا إشارة إلى المعاشرة الحسنة. الى غير ذلك من الروايات الدالة على هذا المعنى.
واما الثاني فلان غاية ما يستفاد من الآية ـ بناء على تفسير القول بالاعتقاد ـ هو احد المعنيين الأولين ولا دلالة لها على المعنى الثالث أصلا.
ويرد على الاستدلال بها اشكال آخر وهو ان هذا الأمر وقع في سياق أوامر أخر بعضها وجوبي وبعضها استحبابي فان الإحسان إلى ذي القربى واليتامى والمساكين
__________________
(١) البقرة ـ ٨٣