التصرف فيها ، والاشتراء والاستيجار ؛ وكذلك يمضى جميع تصرفاته فيها من الوصية والهبة وغيرها وتورث بمجرد ذلك ، وهذا أمر ظاهر لا سترة عليه.
ولكن الظاهر ان هذه السيرة مأخوذة من بناء العقلاء ، فتئول الى ما سنذكره في الدليل الثالث.
ومن هنا يعلم انه لا بد في الاعتماد عليها من ضم عدم ردع الشارع منه ؛ فيعتمد عليها في موارد لا يوجد فيها ردع عموما أو خصوصا ؛ ولو كانت سيرة المسلمين بما هم مسلمون لم يحتج اليه وهو واضح.
ثالثها ـ بناء العقلاء جميعا ، من أرباب الأديان والملل وغيرهم ، على ترتيب آثار الملك على اليد ، وقد صار هذا الحكم مرتكزا في الأذهان ، وراسخا في النفوس ، بحيث يكون كالأمور الغريزية ؛ بل لعله يوجد شيء من آثار هذه الغريزة عند غير الإنسان من الحيوانات كما لا يخفى على من سبر أحوالها.
وهذا الحكم إنما ينشأ من المبادي الأولية في حصول الملك ، فإنه نشأ حينما نشأ من ناحية الحيازة والاستيلاء على الأشياء التي توجد في عالم الطبيعة ، وتكون فيها منافع الإنسان ، ولا يمكن الحصول عليها في أي زمان ومكان بحيث يكون كثرتها رادعة له عن حيازتها.
فأول ما نشأ الملك في العالم نشأ من ناحية الحيازة والاستيلاء على شيء ، وهما يعتمدان على الجارحة المخصوصة اعنى «اليد» فكانت اليد هي الواسطة الأصلية في الملك ، والوسيلة الابتدائية له ، ثمَّ انه إذا ظفر الحائز عليه وجعلها تحت يده قد ينقلها من يده الى غيره ويجعلها تحت يده باختيار منه ، أو بإرث أو نحو ذلك.
ومن هنا كل من شاهد عينا بيد غيره ؛ ورآه مستوليا عليها ، رآه اولى بها.
فلم يكن الملكية في أول أمرها إلا هذه الأولوية الطبيعية التكوينية والاختصاص