الكفاية وفي حاشيته على الفوائد ، ولكن الظاهر ان مختاره في الكتابين وان كان متقارب المضمون الا ان بينهما فرقا من حيث ان ظاهر كلامه في الأول ان نفى الضرر كناية عن نفى جميع احكامه ، وظاهر الثاني انه كناية عن نفى الإضرار بالغير أو تحمل الضرر عنه خاصة ، فراجعهما وتأمل.
الثالث ـ ان يكون المراد من نفى الضرر نفى صفة من صفاته اعنى «عدم التدارك» فقوله : لا ضرر اى : لا ضرر غير متدارك موجود في الشريعة ، حكاه العلامة الأنصاري في رسالته المطبوعة في ملحقات المكاسب من بعض الفحول ولم يسمه. وهذه الاحتمالات الثلاثة تبتنى على إرادة النفي من لفظة «لا».
الرابع ـ ان يكون المراد منه النهى عن إضرار الناس بعضهم ببعض بان يراد من لفظة «لا» النهى ، اختاره جمع من اعلام المتأخرين وفي مقدمهم علامة عصره شيخ الشريعة الأصفهاني في رسالته التي صنفها في هذه القاعدة وهي رسالة نافعة مشتملة على فوائد جمة من أشباه التركيب أيضا بما سيأتي الإشارة اليه ، ومن كلمات أئمة اللغة أيضا.
فهذه أقوال أربعة في معنى الحديث ، لو لم نجعل ما ذكره المحقق الخراساني في الحاشية والكفاية قولين مختلفين ، ويختلف مفادها ونتائجها : فعلى الأخير يسقط الحديث عن الاستدلال به في الأبواب المختلفة من الفقه بالكلية ، ولا يستفاد منه الا حكم فرعى تكليفي بعدم جواز إضرار الناس بعضهم ببعض ؛ وعلى الثالث لا يستفاد منه إلا لزوم الغرامة والتدارك في موارد الإضرار ، واما على الأولين يكون مشتملا على قاعدة عامة حاكمة على عمومات الاحكام الأولية بما سنتلو ذكره إنشاء الله ، ولكن الحق انه لا تظهر ثمرة مهمة بين هذين كما ستعرف.
المختار في معنى الحديث
ولنذكر أولا ما قيل أو يمكن ان يقال في توجيه كل واحد من المعاني المذكورة حتى تكون على بصيرة من أمرها ، ثمَّ لنبحث عما هو المختار سواء أكان بين هذه المعاني أو معنى آخر سواها فنقول ومن الله الهداية