موقف القواعد الفقهية
بين الفقه والأصول
من أهم ما يجب على الفقيه تحقيقه والبحث عنه هي «القواعد الفقهية» التي تكون ذريعة للوصول إلى أحكام كثيرة من أول الفقه الى آخره ، وتبتنى عليها فروع هامة في شتى المباحث والأبواب.
لكن ـ رغما لهذا الموقف ـ لم يبحث عنها بما يليق بها ، ولم يود حقها من البحث. لا في الفقه ولا في أصوله ، إلا شيء طفيف منها. كقاعدة لا ضرر وبعض القواعد الأخر كقاعدة التجاوز والفراغ التي وقع البحث عنها في بعض كتب المتأخرين من الأصوليين ، بحثا تبعيا استطراديا ؛ لا ذاتيا استقلاليا ، فأصبحت هذه القواعد النفيسة كالمشردين لا تأوي دارا ولا تجد قرارا ، لا تعد من الأصول ولا من الفقه ، مع ان من حقها ان يفرد لها علم مستقل ، كيف ونحن في حاجة شديدة منها في طيات كتب الفقه. وغير خفي انه لا يمكن تنقيحها في ضمن الأبحاث الفقهية ؛ لأن كل مسئلة منها يختص ببحث خاص كما ان كثيرا منها لا تمس المسائل الأصولية كي يبحث عنها في علم الأصول ولو استطرادا.
نعم قد قام شرذمة قليلون من متأخري الأصحاب بتأليف رسالات تحتوي على بعض تلك القواعد : منهم العالم الفاضل المولى محمد باقر اليزدي الحائري المتوفى قرب سنة الثلاثمائة بعد الالف ، والمولى العلامة محمد جعفر الأسترابادي المتوفى سنة ١٢٦٣ وسماه «مقاليد الجعفرية» ومنهم السيد الأجل السيد محمد مهدي القزويني المتوفى سنة ١٣٠٠ (١) ولكن مع الأسف لم يصل شيء ، من هذه الكتب إلينا
واما كتاب «القواعد» الذي صنفه شيخنا الأعظم الشهيد الأول قدس الله نفسه فليس متمحضا في سرد القواعد الفقهية بل يحتوي على مسائل مختلفة فقهية من شتى الأبواب ،
__________________
(١) ذكرها العلامة الجليل محيي آثار الشيعة ومئاثرها الشيخ آغا بزرگ الطهراني في كتابه القيم «الذريعة الى تصانيف الشيعة».