٦ ـ المحل الذي يعتبر التجاوز عنه شرعي أو عقلي أو عادى؟
قد عرفت ان ظاهر إطلاقات أخبار الباب عدم الاعتناء بالشك في الشيء بعد مضيه ، أو التجاوز عنه ، أو الخروج منه ، وان هذه العناوين (المضي والتجاوز والخروج) انما تصدق حقيقة في موارد يعلم بوجود أصل الشيء مع الشك في تحقق بعض ما يعتبر فيه من الاجزاء والشرائط ؛ فهي غير صادقة في الموارد التي يشك في أصل وجود الشيء حقيقة فلا تشمل مورد قاعدة التجاوز الذي يكون الشك فيه في أصل وجود الركوع أو السجود أو غيرهما مثلا.
الا ان تطبيق هذه الكبرى في غير واحد من الاخبار على هذه الموارد ، يدل على ان المراد من التجاوز عن الشيء أعم من التجاوز عنه حقيقة وبالعناية (بالتجاوز عن محله) وهذا إطلاق شائع ذائع.
(فح) يقع الكلام في ان المراد ب «محل الشيء» ما ذا؟ فإنه يتصور على أنحاء :
١ ـ المحل الشرعي ـ وهو المحل المقرر للشيء شرعا ، ولا يخفى ان المراد منه هو المحل الذي يعتبر إتيانه فيه أولا وبالذات وبحسب حال الذكر والاختيار ، فمحل السجود قبل الدخول في القيام بحسب جعله الاولى الشرعي وان كان يجوز الرجوع اليه وإتيانه بعد الدخول في القيام إذا تذكر قبل الركوع.
فما يقال من ان محل السجود باق قبل الدخول في ركوع الركعة الآتية فاسد لأنه محل له في حال السهو والنسيان ولذا لا يجوز تأخيره كذلك عمدا.
٢ ـ المحل العقلي ـ وهو المحل المقرر له بحكم العقل وبحسب الطبع وقد مثل له شيخنا العلامة الاسرى بمحل «الراء» من تكبيرة الإحرام فإنه لا بدان يؤتى بها بلا فصل والا لزم الابتداء بالساكن المحال عقلا ، ولا يخفى ان هذا القسم (مع غمض النظر عن المثال الذي ذكره (قده) فان الابتداء بالساكن ليس محالا عقلا بل هو كالتقاء الساكن بل ثلاث ساكنات