«العسر والحرج» فله وجه مع قطع النظر عما سيأتي ، واما ان كان مراده منه ما يظهر منه في ابتداء النظر من نفى عامة التكاليف الشرعية ، لما في جمعيها من مرتبة من العسر والحرج ، فهو مبنى على ان يكون المراد من «الحرج» مطلق الكلفة الحاصلة ولو من الأمور البسيطة العادية ، وهو ممنوع جدا ، كما عرفت عند تحقيق معنى هذه الكلمة.
مضافا الى ان غير واحد من التكاليف الشرعية لا يشتمل على أدنى مشقة وكلفة ، لموافقتها لكثير من الطباع فالقول باستلزام عموم نفى الحرج لنفى عامة التكاليف ممنوع من هذه الجهة أيضا.
أضف الى ذلك ان ما ذكره هذا المحدث الجليل هدم لأساس هذه القاعدة رأسا ، لأن بطلان التكليف بما لا يطاق ظاهر لكل احد بل لا يبعد كونه من ضروريات الدين ؛ فحصر مفادها في خصوص التكليف بما لا يطاق مساوق لسقوطها عن الحجية وهو مخالف لسيرة الفقهاء حيث يستدلون بها في كثير من أبواب الفقه لنفى التكاليف الحرجية غير البالغة حد ما لا يطاق ، بل مخالف لما عرفت من استدلال الامام عليهالسلام بها لكثير من المسائل وتعليمه عليهالسلام لاستنباط الحكم من هذه القاعدة العامة.
واما قصر العمل بها على خصوص الموارد التي عمل بها الأصحاب ، مع انا نعلم أو نظن انه لم يكن عند أكثرهم أو جميعهم في هذا الباب إلا هذه الايات والاخبار المأثورة عنهم عليهمالسلام ؛ فمما لا وجه له.
واحتمال ان يكون قد وصل إليهم من المدارك ما لم يصل إلينا ، أو كان لهذه العمومات قرائن متصلة ترفع إبهامها وتوضح المراد منها ، وصلت إليهم دوننا ، ضعيف جدا ، ومن أقوى الشواهد على بطلانه انهم يستندون في إثبات المسائل إلى نفس هذه الايات والروايات معتمدين في إثبات مقاصدهم عليها لا غير.
ما ذكر في دفع هذا الاشكال
وقد يذب عن الاشكال بوجوه لا تخلو عن إيرادات ؛ نذكرها ونذكر ما فيها من