الأول ـ في مدارك مشروعية القرعة
ويدل عليها أمور :
أولها ـ آيات من الكتاب العزيز :
منها ـ قوله تعالى (وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ)(١) وهي واردة في قصة ولادة مريم وما رامته امه ، امرأة عمران ، حيث انها بعد ما وضعتها أنثى لفتها في خرقة وأتت بها الى الكنيسة ليتكفلها عباد بني إسرائيل وقد مات أبوها من قبل ، فقالت دونكم النذيرة فتنافس فيها الأحبار ـ لأنها كانت بنت امامهم عمران ، فوقع التشاح بينهم فيمن يكفل مريم حتى قد بلغ حد الخصومة ـ كما قال تعالى (إِذْ يَخْتَصِمُونَ) ـ فما وجدوا طريقا لرفع التنازع إلا القرعة ، فتقارعوا بينهم ، فألقوا أقلامهم التي كانوا يكتبون بها التوراة في الماء ؛ وقيل قداحهم للاقتراع ؛ جعلوا عليها علامات يعرفون بها من يكفل مريم.
فارتز قلم زكريا ثمَّ ارتفع فوق الماء ، ورسبت أقلامهم ، وقيل ثبت قلم زكريا وقام طرفه فوق الماء كأنه في الطين وجرت أقلامهم مع جريان الماء ، فوقعت القرعة على زكريا ـ وقد كانوا تسعة وعشرون رجلا ـ فكفلها زكريا وكان خير كفيل لها وقد كان بينهما قرابة ، لان خالة أم مريم كانت عنده.
__________________
(١) سورة آل عمران ـ الاية ٤٠.