ابائها عن التخصيص.
المختار في حل الاشكال
الخامس ـ وهو المختار في حسم مادة الاشكال ، ان ما يدعى من التكاليف الحرجية الواردة في الشريعة على أقسام :
منها ـ ما ليس حرجيا وان ادعى كونها كذلك ؛ كحج بيت الله الحرام وأداء الخمس والزكاة (لا سيما مع ما عرفت عند ذكر معنى «الحرج» من ان المراد منه هنا ليس مطلق المشقة والضيق ، بل المشقة التي لا تتحمل عادة على ما بسطنا الكلام فيه) فان إخراج خمس أرباح المكاسب بعد وضع مئونة السنة بجميع أنحائها ، وكذا إخراج خمس غيرها من المعادن والكنوز ، والزكوات المقدرة في الشرع التي هي قليل من كثير ليست أمورا شاقة لا تتحمل عادة.
لا سيما مع صرفها في مصارف يعود نفعها غالبا الى المجتمع اجمع حتى المعطين ، كصرفها في إصلاح حال الفقراء والمساكين وأبناء السبيل ، وعمارة الشوارع ، وبناء القناطر ، وحفظ ثغور الإسلام ، وتقوية جيوش المسلمين ، وأمن السيل. فهذه في الحقيقة مثل سائر ما يصرفونها في محاويجهم الشخصية وإصلاح أمورهم الخاصة ، مما لا يعدونه ضررا وحرجا ، بل إصلاحا ونفعا.
وهذا المعنى وإن كان عند بعض الأذهان البادية من الاستحسانات الا انه اليوم ظاهر لكل خبير بوضع المجتمعات البشرية وما فيه نجاحها وفلاحها ؛ ولذا ترى العقلاء من جميع الأمم يسلكون هذا المسلك ويكلفون افرادها بأداء واجبات مالية يصلحون بها حال الضعفاء وذوي الحاجات وسائر الأمور العامة التي يعود نفعها الى مجتمعهم اجمع ؛ ولا يعدونه ضررا ولا حرجا بل قد عرفت انها في الحقيقة من قبيل مصارفهم الشخصية.
وان أبيت عن ذلك فقد عرفت ان الواجبات المالية في أنفسها ، ومع قطع النظر عن هذا ؛ ليست أمورا شاقة حرجية لا تتحمل عادة الذي هو الملاك في هذا الباب.
أضف الى ذلك ان إطلاق العسر والحرج على الأمور المالية مطلقا لا يخلو عن اشكال ـ كما أشار إليه المحقق النائيني في آخر رسالته المعمولة في قاعدة لا ضرر ـ لظهور