عنوان الحرج في المشقة في الجوارح لا في الجوانح ومن المعلوم ان بذل الأموال ليس فيه مشقة بهذا المعنى ولو بلغ ما بلغ ، اللهم الا فيما يسرى المشاق الروحية الى البدن كمن لا ينام طول ليلته إذا بذل ما لا كثيرا ، على تأمل في ذلك أيضا.
ومنها ـ ما يكون من ناحية فعل المكلف وسوء اختياره ، كالقصاص والحدود وما شاكلهما ، فان المكلف بسوء اختياره يقع في هذه الأمور الحرجية ، فلو لم يقتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض ، أو لم يجن عليها بجناية أخرى توجب القصاص أو الحد أو لم يعتد على غيره بمال أو بعرض ؛ لا يعتدى عليه بمثله ولا يعاقب به.
ومن الواضح انصراف أدلة نفى العسر والحرج عما أقدم عليه بسوء اختياره لا سيما في هذه الموارد التي لا يكون نفيه منة على من ارتكبها الا بترك الامتنان بل الظلم الفاحش على غيره ، فهذه الموارد لم تكن داخلة تحت عمومات نفى الحرج حتى يكون خروجها عنها بالتخصيص.
ومنها ـ ما هو قابل للإنكار ، فمثل التوضي بالماء البارد في ليالي الشتاء أو الصيام في الأيام الحارة من الصيف إذا بلغ مشقته حدا لا تتحمل عادة فلا يبعد القول بعدم وجوبه ، ولكن بلوغه هذا الحد لغالب الناس في محل المنع.
ومنها ـ ما يبقى من الموارد النادرة التي يمكن التزام تخصيص القاعدة بها إذا كان دليله أخص من أدلة نفى الحرج أو بمنزلة الأخص ؛ كالجهاد الذي فيه من المشقة والحرج ما لا يخفى قال الله تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ) وقال تعالى : حاكيا عن وقعة الأحزاب ، (إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ) ، وقد سمى في كتابه العزيز الساعات التي كانت قبل غزوة تبوك (ساعَةِ الْعُسْرَةِ) ففي هذا المورد وشبهه نلتزم بتخصيص عمومات لا حرج بها.
لا يقال ـ كيف يجوز تخصيص عمومات نفى الحرج بهذه الموارد ولو كانت قليلة بالنسبة الى ما يبقى تحتها مع اعترافك بورودها مورد الامتنان الآبي عن التخصيص
قلنا ـ عدم جواز تخصيص العمومات الواردة في مقام البيان انما هو في موارد