والطواف ـ مع قطع النظر عن العمومات ـ يوجب الاطمئنان على عدم اختصاص الحكم بباب دون باب وجريان القاعدة في جميع الأبواب ، ولا سيما بعد ملاحظة التعبيرات الواردة فيها مما يشعر أو يدل على عدم اتكاء الحكم على خصوصية المورد بل على عنوان الشك الفراغ والتجاوز وأمثالها فتأمل.
٢ ـ السيرة العقلائية
ويدل على المقصود أيضا استقرار سيرة العقلاء وأهل العرف ـ في الجملة ـ على البناء على صحة العمل بعد مضيه ، ولعله في الحقيقة راجع الى عمومية أصالة الصحة لفعل النفس كما مر في المجلد الأول من كتابنا هذا عند ذكر «قاعدة الصحة» وانه لا فرق فيها بين فعل الغير وفعل النفس خلافا لما يستفاد من صريح كلمات بعضهم وظاهر آخرين من تخصيصها بفعل الغير فقط ، ولذا ذكروا في عناوين كلماتهم هناك «أصالة الصحة في فعل الغير».
وقد عرفت ان دقيق النظر يعطى عدم اختصاص بعض أدلتها به وشمولها لأصالة الصحة في فعل النفس أيضا.
ولذا قال فخر المحققين (قدسسره الشريف) في «إيضاح القواعد» في مسئلة الشك في بعض أفعال الطهارة ان الأصل في فعل العاقل المكلف الذي يقصد براءة ذمته بفعل صحيح وهو يعلم الكمية والكيفية الصحة (انتهى).
وهذا الكلام منه ـ كما ترى ـ إشارة إلى قاعدة عامة تجري في فعل الإنسان نفسه وغيره وهو مبنى على ظهور حال الفاعل الذي هو بصدد تفريغ ذمته بفعل صحيح مع علمه باجزاء الفعل وشرائطه ، وهو في قاعدة عقلائية عامة في جميع الافعال وجميع الأبواب.
ولذا لو فرضنا واحدا منا كتب كتابا أو حاسب حسابا أو اقدام على تركيب معجون وهو عالم باجزائه وشرائطه ثمَّ مضت عليه أيام أو شهور فشك في صحة الكتاب أو المحاسبة أو تركيب المعجون من جهة احتمال الإخلال ببعض شرائطه واجزائه غفلتا منه فهل تراه