الثالث ـ فيما يتعلق بها من التنبيهات.
وقبل الشروع في هذه لا بد لنا من إيضاح محل البحث وما نروم إثباته.
الحرج على أنواع
ان العسر والحرج في الأفعال يكون على أقسام ، فتارة يبلغ حدا لا يطيق المكلف تحمله.
واخرى ، يكون ما دون ذلك ولكن تحمله يوجب اختلال النظام.
وثالثة ؛ لا يبلغ ذا ولا ذاك ؛ ولكن يستلزم الضرر في الأموال أو الأنفس أو الاعراض
ورابعة ، لا يوجب شيئا من ذلك بل يكون فيه مجرد المشقة والضيق.
اما الأول أعني التكاليف الحرجية البالغة حد ما لا يطاق فلا إشكال في خروجه عن محل البحث وقد عقدوا له بحثا آخر في الكتب الكلامية وبعض الكتب الأصولية ، واختلفوا في جوازه واستحالته ، بعد اتفاقهم على عدم وقوعه في الشريعة الغراء ، ولكن الظاهر ان القول بجوازه وإمكانه من الفروع الفاسدة المنشعبة عن شجرة خبيثة ، وهي إنكار الحسن والقبح العقليين المعروف بين قدماء الأشاعرة ، وعلى كل حال فهو خارج عن نطاق البحث هنا.
ومن هنا تعرف النظر في كثير من كلمات العلامة النراقي (قده) في عوائده حيث ذكر كثيرا من الأدلة النقلية والعقلية الدالة على بطلان التكليف بما لا يطاق في عداد أدلة القاعدة ، وان اعترف بأنها تختص بقسم خاص من الحرجيات وانها أخص من المدعى ولا تقوم بإثبات جميعها. ولكن الإنصاف انها خارجة رأسا عن حيطة القاعدة المعروفة المتداولة بين القوم. بل لا يعبرون بالحرج الا عن التكاليف الممكنة المشتملة على الضيق والشدة واما التكاليف غير المقدورة فيعبرون عنها بما لا يطاق ولا كلام لأحد من أصحابنا في بطلانها.
واما الثاني فهو أيضا كسابقة خارج عن محل الكلام في هذه القاعدة المشهورة ، لانصراف كلماتهم وعبائرهم عنه ، لان قبح التكاليف الموجبة لاختلال النظام مما