ورابعة بمثل قولهم «هذا باب ينفتح منه ألف باب» بعد الإشارة إلى قاعدة «الغلبة» وهي ان ما غلب الله عليه فالله اولى بالعذر (١) وقولهم مشيرين الى بعض مسائل الوضوء : «هذا وأشباهه يعرف من كتاب الله (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)» (٢) فحثوهم على الاستضائة بالكتاب العزيز والأصول التي وردت في السنة ، أكثر مما يعرفه الناس.
وسادسة بإبطالهم التصويب وإعلامهم بأن «لله في كل واقعة حكما يشترك فيه العالم والجاهل» (٣) فمن أدركه فقد أصاب والا فقد أخطأ ، و «ان للمصيب اجرين وللمخطئ اجرا واحدا» (٤) حتى يبذل الناظر غاية مجهوده في البحث والفحص عن الأدلة ليصيب الأحكام الواقعية ، ولا يكتفى بما وقف عليه بادي نظره ، بزعمه ان المجتهد مصيب في رأيه ، وما انتهى اليه اجتهاده هو حكم الله الواقعي في حقه ، إلى غير ذلك من القرائن الكثيرة يطول المقام بذكرها.
وبهذه وبغيرها فتحوا علينا باب الاجتهاد ، الذي هو رمز بقاء الدين وحافظ لنشاطه العلمي ، وبه يوجه الخطى نحو الكمال وبتقدم العلم الى الامام ويعلو الإسلام ولا يعلى عليه ، أجل لا ينمو العلم ولا يربو ـ أى علم كان ـ الا تحت ضوء الاجتهاد.
ولذلك نرى فقهاء أهل البيت من أصحابنا قد أتوا بما لم يأت به الآخرون ، من كتب
__________________
(١) رواه في الوسائل في الباب ٣ من أبواب القضاء من المجلد الثاني.
(٢) رواه في الوسائل في الباب ٣٩ من أبواب الوضوء من المجلد الأول.
(٣) هذه الرواية متواترة بالمعنى كما اعترف به المحققون من الأصحاب في باب التخطئة والتصويب فإنه تواترت الأخبار عن أئمة أهل البيت عليهمالسلام بان «لله في كل واقعة حكما بينه لنبيه وبينه النّبي صلىاللهعليهوآله للأوصياء من بعده ؛ فجميع الاحكام مخزونة عندهم حتى مثل أرش الخدش ، ومضامينها وان كانت مختلفة الا انها مشتركة في إفادة هذا المعنى.
(٤) هذه الرواية من الروايات النبوية المشهورة ، قال شيخنا الأجل في «الفصول» في باب التخطئة والتصويب : «ان الأمة قد تلقت هذه الرواية بالقبول».