التنبيه الثالث
في ان الصحة المستفادة منها في كل مورد بحسبه
لا إشكال في انه لا تثبت بهذه القاعدة إلا الآثار المترتبة على صحة موردها ومجراها ومن المعلوم ان صحة كل شيء بحسبه ؛ فان كان موردها عبادة أو عقدا بجميع اجزائه وشرائطه فصحته صحة فعلية ويترتب عليه ما يترقب منه من الاثار فعلا.
واما إذا كان موردها جزاء من اجزائهما فصحته صحة تأهلية بمعنى قابلية ذاك الجزء لانضمام سائر الاجزاء أو الشرائط اليه وصيرورتها عبادة أو معاملة تامة ، وتترتب عليها آثار تلك العبادة أو المعاملة إذا لحقه سائر اجزائها وشرائطها. وهذا المعنى مما لا ينبغي التأمل فيه ، الا ان الكلام في بعض ما فرعوا عليه. فقد فرع عليه شيخنا الأعظم قدسسره الشريف فروعا :
منها ـ إذا شك في لحوق الإجازة لبيع الفضولي فأصالة الصحة في البيع الصادر منه لا تثبت لحوق اجازة المالك به ، لان صحته صحة تأهلية لا تدل على أزيد من صحة الإنشاء الصادر من الفضولي واشتماله على شرائط الصحة
ومنها ما إذا شك في تحقق القبض في الصرف والسلم ، فان جريان أصالة الصحة في العقد لا يدل على تحقق القبض.
ومنها ما لو ادعى بائع الوقف وجود المسوغ له في بيعه فإن أصالة الصحة لا تثبت وجوده لا سيما مع بناء بيع الوقف على الفساد.
ومنها ما لو ادعى الراهن اذن المرتهن في بيع العين المرهونة فإن أصالة صحة البيع لا تثبت اذنه «هذا ملخص ما أفاده».
أقول ـ قد عرفت من التنبيه السابق ان القاعدة الكلية في مجرى هذه القاعدة أنه مهما حصلت أركان العمل ، بأقل ما يصدق عليه عنوانه الأعم من الصحيح والفاسد ؛ جرت فيه أصالة الصحة عند الشك فيما زاد عليها ، مما يعتبر في صحته ؛ وأنت بعد الإحاطة بهذا تعرف حال هذه الفروع : فان من المعلوم ان مجرد الإيجاب والقبول لا يجدي في تحقق عنوان البيع أو النكاح أو غير هما ما لم ينضم إليه قابلية محله ، وغيره مما به قوامه وعليه أساسه ، فلا يكفي إحراز مجرد الإنشاء في إجراء القاعدة في البيع والنكاح