الثالث ـ في شرائط جريانها
قد يقال ان عمومات القرعة لا يجوز العمل بها الا فيما عمل به الأصحاب ، قال المحدث الخبير الشيخ الحر (قدسسره) في «الفصول المهمة» على ما حكى عنه ، بعد نقل بعض روايات القرعة وعموماتها : «ومعلوم ان هذا العموم له مخصصات كثيرة» وزاد بعضهم انه لو لم يكن كذلك لجاز لنا ترجيح الحكم في المسائل الشرعية بالقرعة ، وقال العلامة الأنصاري (قدسسره) : «ان أدلة القرعة لا يعمل بها بدون جبر عمومها بعمل ـ الأصحاب أو جماعة منهم».
وكان الوجه فيه انه لا يمكن العمل بظاهر عموماتها في كل مجهول ، حتى مع وجود أمارات أو أصول عملية ، من البراءة والاستصحاب وغيرهما ، فإنه لم يقل به احد.
فلا بد من تخصيصها بإخراج جميع هذه الموارد منها.
وان شئت قلت انها مخصصة بتخصيصات كثيرة بلغت حد تخصيص الأكثر ، مع ان التخصيص كذلك أمر مستهجن غير جائز ، فهذا يكشف عن وجود قرينة أو مخصص متصل معها وصلت الى أصحابنا الأقدمين ولم تصل إلينا ؛ ولما كان عنوان المخصص مبهما عندنا والقرينة مجهولة لنا لم يجز العمل بعموماتها لان إبهامها يسرى إليها (كما ذكر في محله) (فح) لا يجوز العمل بها الا فيما عمل الأصحاب به. هذا ويرد عليه :
أولا ـ ان احتمال وجود قرائن عندهم غير ما بأيدينا وغير ما أودعوه في كتبهم مما يرشدهم الى مغزى هذه العمومات ، ضعيف جدا ، ولو كان كذلك فلما ذا أهملوا ذكرها في كتبهم المعدة للرواية؟ ولما ذا لم يستندوا إليها في كتبهم الفقهية الاستدلالية بل استندوا الى نفس هذه الروايات التي بأيدينا؟ وهل هذا الا إغراء بالجهل في مورد يجب الاهتمام به